جميعنا يعلم الطريقة التقليدية لشحن السيارات الكهربائية. وبعضنا محظوظ لأنه اقتنى شاحن منزلي للسيارة الكهربائية، ويشحنها في البيت. لكن قريبا سيكون لدينا سيارات كهربائية مزودة ببطاريات ضخمة مشحونة بكامل طاقتها مصفوفة أمام البيت! فإن انقطعت كهرباء البيت لأي سبب، نستطيع إنارة المنزل وتشغيل أجهزته من بطارية السيارة. أليست هذه فكرة مدهشة؟
رغم أن الفكرة تبدو خيالية لكنها أصبحت واقعا في عدة بلاد حول العالم. فهناك تقنية جديدة تغزو عالم السيارات الكهربائية تُسمى تقنية "الشحن من السيارة إلى الشبكة" يُشار إليها بالاختصار الإنجليزي V2G (Vehicle to Grid) هذه التقنية من المتوقع أن تُحدث ثورة في مزايا السيارة الكهربائية، وتطرح حلولا رائعة لإدارة الطاقة الكهربائية في البيوت.
تبادل الكهرباء بين السيارة وشبكة الكهرباء الوطنية
تقنية "الشحن من السيارة إلى الشبكة" تُعرف من اسمها بسهولة، والخلاصة أنها وسيلة لتوفير المال لأصحاب السيارات الكهربائية!
تتيح هذه التقنية للسيارات الكهربائية التواصل مع شبكة الكهرباء الوطنية في الاتجاهين (إرسال الكهرباء إلى الشبكة وتلقي الكهرباء من الشبكة): وتستطيع السيارات سحب الطاقة من الشبكة الوطنية وشحن بطاريتها وأيضا إعادة الكهرباء للشبكة أو استخدامها في إنارة المنازل وتشغيل الأجهزة المنزلية. بات هذا التفاعل ممكنا بفضل سعة بطارية السيارات الكهربائية، التي يمكن استخدامها في فترات التوقف كبطارية احتياطية قادرة على إرسال الشحن لوجهة خارجية.
أي أن بطارية السيارة سوف تعمل كأنها مولد كهرباء احتياطي مصفوف أمام البيت حين الضرورة. وسوف يستفيد صاحب السيارة من وجود أسعار متباينة للطاقة وبالتالي يستطيع تخفيض فاتورة الكهرباء الشهرية. فمثلا لخفض الفاتورة، يستطيع صاحب السيارة شحن السيارة من الشبكة خارج فترات الذروة حين تكون التعريفة منخفضة، ثم استخدامها لتشغيل الأجهزة المنزلية في أوقات الذروة حين تكون التعريفة مرتفعة.
لا تنس أن إضافة ألواح شمسية للمنزل يتيح أيضا شحن السيارة أيضا وخفض فاتورة كهرباء البيت بشكل كبير!
سيارتك الكهربائية قد تصبح مُولّد الطاقة لرحلات التخييم الممتعة.الصورة من واب كار. WapCar.
سيارات رائدة في تقنية تبادل الشحن.. “آتو 3” وغيرها
تجتهد شركات السيارات في تطوير سيارات كهربائية قادرة على العمل كمولدات للطاقة للأغراض إضافية. قبل شراء سيارتك الكهربائية، اسأل الوكيل إن كانت سيارتك الجديدة بها قدرات "نقل الشحن إلى المنزل" (V2H) أو إلى الشبكة (V2G) أو شحن الطاقة الموجهة (V2L).
سيارة “آتو 3” من شركة بي واي دي الصينية تم تزويدها بتقنية "محطة الطاقة المتنقلة" (Mobile Power Station). وبالتالي فالسيارة تدعم تقنية تبادل الشحن مع الشبكة الوطنية، وتعمل كمولد لكهرباء المنزل. وبفضل إمكانيات شحن الطاقة الموجهة، يمكن لسيارة “آتو 3” تشغيل المنزل بالكهرباء الفائضة فيها أو تشغيل أجهزة كهربائية محددة داخل المنزل – أي أنك تستطيع توصيل أجهزة كهربائية معينة بالسيارة مثل الثلاجة أو الفرن الكهربائي وأنت في رحلة تخييم خارج البيت.
سيارة تتمتع هيونداي ايونك 5 الجديدة وسيارة "كيا إي في 6" (Kia EV6) مزودتان بخاصية شحن الأجهزة المحددة (V2L). أما شاحنة البيك أب "إف 150 لايتننج" من إنتاج شركة فورد فتحتوي على الخاصيتين – شحن المنازل وشحن الأجهزة المحددة، وهي إضافة كبيرة لوظائف السيارة المتنوعة، هناك أيضا عدد كبير من السيارات الأخرى توفر نفس الخصائص.
سيارة “آتو 3” من شركة بي واي دي الصينية تم تزويدها بتقنية "محطة الطاقة المتنقلة" وبالتالي السيارة تدعم تقنية تبادل الشحن مع الشبكة الوطنية، وتعمل كمولد لكهرباء المنزل وإرسال واستقبال الطاقة في الاتجاهين.
كيف تعمل هذه التقنيات؟
بالنسبة لخاصية تبادل الشحن مع الشبكة، تستخدم السيارة الكهربائية شاحنا ذكيا ثنائي الاتجاه. عند تركيبه في المنزل، يسمح هذا الشاحن بتدفق الكهرباء نحو السيارة لشحن البطارية، ثم من السيارة إلى شبكة الكهرباء أو المنزل. يمكن لأصحاب المنازل استخدام بطارية السيارة الكهربائية كمخزن مؤقت للطاقة، وسحب الطاقة في ساعات الذروة أو عند انقطاع التيار.
بهذه الطريقة، يستطيع أصحاب البيوت توفير الطاقة اللازمة لإنارة المنازل وتشغيل الأجهزة باستقلالية تامة، ما يقلل الاعتماد على الشبكة الوطنية. والفائدة الأصيلة من ذلك تظهر في خفض فواتير الكهرباء، خصوصا في فترة الحذر المالي فيها مطلوب. وهذا مفيد للبيئة أيضا، حيث تعمل هذه التقنيات على تقليل الحاجة لتوليد كهرباء إضافية من الوقود الأحفوري.
هل هذه التقنيات متوفرة على نطاق واسع؟
يتباين توافر أجهزة الشحن المنزلية الذكية حسب المنطقة ويعتمد على طلب العملاء في الأسواق المختلفة والجدوى الفنية وتوافر الأطر القانونية والتنظيمية.
في البلاد التي تتمتع ببنية تحتية متقدمة في مجال السيارات الكهربائية، مثل بعض بلاد أوروبا والولايات المتحدة واليابان، تتوفر أجهزة الشحن المنزلية الذكية القادرة على التعامل مع الشبكة الوطنية (V2G) بسهولة أكبر. وتستثمر الشركات في هذه المناطق بنشاط في توفير وتطوير حلول الشحن المتوافقة مع هذه التقنية.
لكن في الأسواق الناشئة، يعد توفر أجهزة شحن (V2G) أقل انتشارا، لأن البنية التحتية لا تزال في مهدها في معظم هذه المناطق، ما يؤثر على توفر أنظمة الشحن المتقدمة.
ضع في اعتبارك أن هذه التقنيات المتطورة لا تتوافر في كل السيارات الكهربائية الآن، كما أن متوافقة حاليا مع V2G، كما أن شواحن V2G تكون أعلى سعرا وتثبيتها أصعب من الشاحن التقليدي.
لكن توقعات الأسواق بخصوص توافر تقنيات التبادل مع الشبكة (V2G) إيجابية، وتشير إلى أن المستقبل سوف يشهد نموا مع اتساع سوق السيارات الكهربائية والاهتمام العالمي بتحقيق تكامل الطاقة المتجددة في أنحاء العالم.
ومع زيادة انتشار مصادر الطاقة المتجددة، تزداد الحاجة إلى حلول فعالة لتخزين الطاقة مثل تقنية التبادل مع الشبكة، ما يزيد فعالية تخزين الطاقة المتجددة الزائدة ويعالج تحديات انقطاع التيار أو غيابه عن مناطق معينة.