تم الكشف عن السياسة الوطنية للسيارات الكهربائية في دولة الإمارات العربية المتحدة

قد تبدو فكرة أن نصف السيارات على طرق الإمارات العربية المتحدة كهربائية ضربًا من الخيال العلمي. لكن هذا هو الهدف الطموح الذي حددته الحكومة لعام 2050. وتماشيًا مع هذا الهدف، هناك خطط لإنشاء شبكة جديدة من محطات شحن السيارات الكهربائية في جميع أنحاء الدولة. وقد أعلن عن ذلك سهيل المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، الذي كشف أيضًا عن تفاصيل السياسة الوطنية للسيارات الكهربائية التي أقرها مجلس الوزراء الإماراتي.

تأتي هذه السياسة استكمالاً لمشروعها الرائد "سوق السيارات الكهربائية العالمي" الذي أُطلق في مايو 2023، بهدف تحويل الإمارات العربية المتحدة إلى سوق عالمية للسيارات الكهربائية. وتعكس هذه السياسة التزام الحكومة بدعم وتعزيز خيارات النقل المستدام. 

ومن خلال تشجيع اعتماد المركبات الكهربائية، تهدف الحكومة إلى خفض استهلاك الطاقة بنسبة 40% وانبعاثات الكربون بنحو 10 ملايين طن خلال العقود الثلاثة المقبلة.

يأتي هذا القرار في وقتٍ تتبنى فيه العديد من دول العالم التنقل الكهربائي كوسيلةٍ لمكافحة تغير المناخ وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وتتميز المركبات الكهربائية بمزايا عديدة مقارنةً بالسيارات التقليدية العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي، بما في ذلك انخفاض الانبعاثات، وانخفاض التلوث الضوضائي، وربما انخفاض تكاليف التشغيل.

من أبرز التحديات التي تواجه التحول إلى نظام نقل يعتمد على السيارات الكهربائية إنشاء بنية تحتية موثوقة لشحن السيارات. ولمعالجة هذه المشكلة، تخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير شبكة شاملة من محطات شحن السيارات الكهربائية في جميع مدنها الرئيسية وعلى الطرق السريعة. سيضمن ذلك سهولة وصول مالكي السيارات الكهربائية إلى مرافق الشحن أينما كانوا.

تتوفر حاليًا شبكة جيدة من محطات شحن السيارات الكهربائية في مواقع مختارة في دبي وأبوظبي. ومع ذلك، لا يزال عددها محدودًا مقارنةً بمحطات الوقود التقليدية. تهدف المبادرة الجديدة إلى توسيع نطاق هذه المرافق بشكل كبير، مع تحسين إمكانية الوصول إليها لجميع السكان والزوار على حد سواء.

ستتألف الشبكة المقترحة من أنواع مختلفة من أجهزة الشحن تلبي احتياجات متنوعة، بدءًا من أجهزة الشحن السريع القادرة على توفير طاقة عالية للشحن السريع أثناء الرحلات الطويلة أو حالات الطوارئ، وصولًا إلى أجهزة الشحن العادية المناسبة للشحن الليلي في المنزل أو مكان العمل. يمكن تركيب هذه الأجهزة في الأماكن العامة، مثل مراكز التسوق، ومواقف السيارات، والفنادق/المنتجعات، أو على طول الطرق السريعة الرئيسية التي تضم محطات راحة.

لضمان نجاح هذه المبادرة، ستتعاون الحكومة مع الجهات المعنية، بما في ذلك شركات المرافق العامة، ومطورو العقارات، والشركات الخاصة. ومن خلال التعاون، يمكنهم تحديد المواقع المناسبة لمحطات الشحن، ودمجها في المشاريع الجديدة أو تحديث البنية التحتية القائمة.

علاوةً على ذلك، تخطط حكومة الإمارات العربية المتحدة لتقديم حوافز لتشجيع الأفراد والشركات على التحول إلى استخدام السيارات الكهربائية. قد تشمل هذه الحوافز دعمًا أو إعفاءات ضريبية لشراء السيارات الكهربائية، وتخفيضات في أسعار الكهرباء للشحن في المنزل أو مكان العمل، وأولوية في الوصول إلى مواقف السيارات المجهزة بوسائل الشحن.

بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية والحوافز، ستركز السياسة الوطنية للسيارات الكهربائية على تعزيز الوعي العام والتثقيف حول التنقل الكهربائي. ويشمل ذلك توفير معلومات حول فوائد السيارات الكهربائية، وتبديد المفاهيم الخاطئة الشائعة أو المخاوف التي قد تراود المشترين المحتملين.

لدعم هذه الجهود، من المتوقع عقد شراكات مع مصنعي السيارات لطرح مجموعة أوسع من طرازات السيارات الكهربائية بأسعار معقولة في سوق الإمارات العربية المتحدة. سيوفر هذا للمستهلكين خيارات أوسع عند التفكير في شراء سيارة كهربائية، كما سيعزز المنافسة بين المصنعين، مما يؤدي إلى تطورات تكنولوجية أفضل في هذا القطاع.

لا يقتصر التحول نحو التنقل الكهربائي على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فحسب، بل له أيضًا آثار اقتصادية إيجابية. تُعدّ الإمارات العربية المتحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، إلا أن اعتمادها الكبير على الوقود الأحفوري يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط. ومن خلال تنويع مصادر الطاقة من خلال زيادة اعتماد تقنيات الطاقة المتجددة، مثل المركبات الكهربائية، يمكن للدولة تقليل اعتمادها على صادرات النفط، مع خلق فرص جديدة في صناعات الطاقة النظيفة، مثل تصنيع البطاريات أو تطوير تقنيات الشحن المتطورة.

وعلاوة على ذلك، فإن التحول نحو المركبات الكهربائية يمكن أن يخلق فرص عمل في مختلف القطاعات بما في ذلك البناء (لبناء البنية التحتية للشحن)، والصيانة (لخدمة وإصلاح المركبات الكهربائية)، والطاقة المتجددة (لتوليد الكهرباء من مصادر مستدامة).

رغم وجود تحديات مرتبطة بتحقيق نسبة 50% من الاعتماد على الكهرباء بحلول عام 2050، مثل ارتفاع التكاليف الأولية مقارنةً بالسيارات التقليدية، إلا أن التزام حكومة الإمارات العربية المتحدة يُعد خطوةً مهمةً نحو نظام نقل أكثر استدامة. فمن خلال الاستثمار في البنية التحتية اللازمة، وتقديم الحوافز، وتعزيز الوعي، تهدف الحكومة إلى جعل المركبات الكهربائية خيارًا أكثر جدوى وجاذبيةً للسكان والزوار على حدٍ سواء.

المنشورات المشابهة

احدث المقالات

أحدث مقاطع الفيديو

31 أغسطس، 2023