لا يزال ما يُسمى بـ "القلق من مدى السير" أحد أكبر العقبات أمام تبني الناس للسيارات الكهربائية. والحقيقة أن معظم السائقين لا يحتاجون إلى مدى سير بعيد جدا بالشحنة الواحدة – كما يظنون! وعادة ما يحتاج الإنسان العادي إلى قطع مسافة أقل من 100 كيلومتر يوميا، ومعظم السيارات الكهربائية المتوفرة حاليا تسافر أكثر من 200 كيلومتر بالشحنة الواحدة.
السيارات مرسيدس EQS 450 مثلا تسافر أكثر من 725 كيلومتراً بشحنة واحدة (452 ميلاً) وهي إحدى السيارات الكهربائية الأبعد مدى حاليا. أما سيارة تسلا موديل Y – الأكثر مبيعا في العالم حاليا - فتقطع مسافة تصل إلى 513 كيلومتراً (319 ميلاً) بشحنة واحدة. وكي نكون منصفين، تتداخل عدة عوامل في تحديد مدى السيارة مثل أسلوب القيادة وحالة المرور والطقس وغيرها. مع ذلك يتضح أن معظم السيارات الكهربائية الجديدة تسير مسافات كافية لغالبية الاحتياجات اليومية لمالكي السيارات.
مع ذلك، لا ينقطع النقاش عن مدى سير السيارة الكهربائية، لأسباب أبرزها تملل السائق من الانتظار بين 30 و45 دقيقة لشحن السيارة أثناء الرحلة وهو الوقت المطلوب لشحن البطارية من الصفر حتى 80٪. والبعض يعتبر هذا الانتظار مؤلما بعض الشيء. لذلك تتسابق الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية إلى بلوغ مدى قيادة 1600 كم.. وهو سباق مُستعر وعلى أشده!
وهنا سؤال: هل اقتربنا بالفعل من هذا المدى؟ التحدي الفني هنا أننا كلما زدنا مدى السيارة، كلما زاد حجم البطارية وأصبحت السيارة أثقل. وكلما زادت الطاقة اللازمة لتحريك السيارة، استهلكت شحن البطارية أسرع. إذا نحتاج إلى حلول ذكية لهذه المعضلة، ربما على مستوى الابتكار الفني أو تخفيف وزن السيارة وتحسين الديناميكية الهوائية للسيارة، أو استخدام نوع مختلف من البطاريات.
استطاعت شركة جاءت من خارج الأضواء تحقيق مدى الألف ميل. الشركة هي "أبتيرا موتورز" ومقرها كاليفورنيا وقد صنّعت سيارة كهربائية تسير ألف ميل (1600 كيلومتر)، وعرضتها للبيع على موقعها على الإنترنت بأسعار بين 26 ألف و46 ألف دولار، ووعدت بتسليم السيارة قبل نهاية 2024.
وفي وصف السيارة، قالت الشركة إنها تسير بالطاقة الشمسية، وتستخدم الألواح الشمسية لزيادة مداها. ويمكنها السفر لمسافة 40 ميلاً في اليوم بالطاقة الشمسية وحدها. وهي سيارة بثلاث عجلات ومقعدين، تُشبه الطائرة الصغيرة، ما يمنحها مُعامل سحب ديناميكي ممتاز (0.13Cd فقط). مع ذلك معظم الناس سوف يعتبرون هذه السيارة غير عملية بالمعايير المتعارف عليها.
Aptera is a solar electric vehicle that requires no charging for most daily use. It has a limited production run, so get in fast if you want one!
في الوقت نفسه، أثبتت مرسيدس العام الماضي قدرتها على صناعة سيارة تقترب من الألف ميل بعد اختبار سيارتها EQXX التي تسير 1202 كيلومتر (747 ميلاً) بشحنة واحدة. لكن هذه السيارة لن تخرج للسوق قبل العام المقبل.
إلى جانب تحسين الانسيابية، يعد خفة وزن السيارة أحد العناصر المهمة، وأيضا منصات السيارة الكهربائية التي بها "محرك داخل العجلات". هذا يقلل بشكل كبير عدد مكونات نظام نقل الحركة ويخفض وزن السيارة، ويساعد في تعبئة المكونات الميكانيكية والكهربائية للسيارة بصورة أفضل، فيوفر مساحة لاستخدام أكثر من بطارية. رغم ذلك تظل تكنولوجيا البطاريات هي الأساس في أي تقدم نحو تحقيق "الهدف الذهبي" – سفرة الألف ميل بشحنة واحدة.
كشفت شركة "جوشن هاتي تك" الصينية عن بطارية مداها يصل إلى 1000 كيلومتر (620 ميلاً). واتفقت الشركة مع فولكس فاجن على إنتاجها بين عامي 2024 و2025 تقريباً. وتعمل هذه البطارية بتكنولوجيا فوسفات الحديد والمنغنيز الليثيوم (LMFP) لزيادة كثافة الطاقة.
ومن المتوقع أن تؤدي إعادة خلط مكونات البطاريات وتجربة توليفات وتكنولوجيا تجميع مختلفة إلى زيادة مدى السيارة الكهربائية. وربما يكمن السر في نوع مختلف تماماً من البطاريات.. لا نعلم!
The Mercedes-Benz Vision EQXX, expected to go on sale in 2024, achieved a drive range of 1202km.
يرى مراقبون أن أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم، تويوتا، اندهشت من ثورة السيارات الكهربائية، فانضمت إلى الركب بسيارات مثل bZ4X الجديدة وطورتها بالتعاون مع شركة سوبارو. هذا رغم حقيقة أن تويوتا، إلى جانب هوندا، كانتا في طليعة التكنولوجيا الهجينة حين أطلقتا سيارات مثل بريوس وإنسايت على التوالي.
وتُجري الشركتان أبحاثا في مجال تسيير السيارات بالطاقة الهيدروجينية منذ فترة، من المتوقع أن تتفوق تويوتا على المنافسين في ميدان السيارات الكهربائية بطرح أول بطارية صلبة في الأسواق.
لكن قبل ذلك، في عام 2026 تقريباً، يبدو أن الشركة تود طرح سيارة تفاجئ الأسواق اعتمادا على بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد الجديدة عالية الكثافة والتي تخفض سعر السيارة بنحو 40٪، وتزيد مدى السير بنحو 20٪ -- وهي زيادة غير كافية على كل حال. وتتعاون الشركة مع باناسونيك وفريق هندسي يتألف من 200 مهندس لترجمة أكثر من 1000 براءة اختراع عن بطاريات الحالة الصلبة، وهو عدد يتجاوز أي شركة سيارات أخرى.
Toyota’s bZ4X, jointly developed with Subaru, will help the marque play catch-up in the mainstream EV market.
وسوف تستخدم حزم البطاريات الجديدة إلكتروليتات صلبة (قائمة على الكبريت) بدلاً من السوائل، ومن مزايا هذه البطارية انخفاض خطر نشوب الحرائق، وكثافة وكفاءة الطاقة الأعلى بكثير. والواضح أنه من السابق لأوانه تأكيد أرقام دقيقة، لكن قد تؤدي البطاريات الصلبة لخفض فترات الشحن إلى 10 دقائق فقط للوصول إلى 80٪ من سعة البطارية، وقطع مسافات أطول قد تتجاوز 1500 كيلومتر (932 ميلاً)، حسب ترجيح بعض الخبراء.
وسعت تويوتا لأن تكون أول شركة تنتج سيارة كهربائية ببطارية صلبة منتصف العقد الحالي. لكن على أرض الواقع، نتوقع رؤية سيارات تويوتا مزودة ببطاريات الحالة الصلبة بين عامي 2027 و2028.
وهوندا ليست بعيدة عن الركب أيضاً. فقد تعاونت مع جنرال موتورز وسوني في مشروع يركز على خفض آثار التشعبات، أي خفض تراكم الليثيوم الذي يبطئ شحن البطارية ويقلل وتيرة إخراج الطاقة مع استخدام السيارة. وتقدم الشركة طبقة عازلة من نسيج البوليمر تحجب التشعبات وتطيل عمر البطارية بنحو 10 سنوات.
نعود إلى السؤال الذي طرحناه في افتتاحية المقال: أي شركة ستطرح أول سيارة كهربائية تسافر الألف ميل بشحنة واحدة؟ قد تكون آبترا، إن قبل الجمهور ركوب سيارة تنتمي إلى عالم الرسوم المتحركة.
مع ذلك، من الناحية الواقعية، نحتاج إلى أن نضع أعيننا على الموديلات الجديدة من مرسيدس وفولكس فاجن وكبرى الشركات الصينية، ولا نستبعد تسلا! والأرجح أن تويوتا قد تُسابق الجميع وتخرج من قبو الابتكار بسيارة الألف ميل –وقد يحدث هذا في أواخر العقد الحالي – أي قبل 2030.
لننتظر معا الخبر اليقين!