في ظل المناقشات حول السيارات الكهربائية، نغفل أحياناً حقيقة مدهشة: نحن لا زلنا في المراحل الأولى من تطوير أنظمة الدفع الكهربائية.
دعونا نستخدم مثل الهاتف المحمول. كانت هواتف "موتورولا" الأصلية التي ظهرت في منتصف الثمانينات تزن حوالي كيلو جرام، وتستغرق 10 ساعات للشحن، ولا تستطيع التحدث إلا لمدة 30 دقيقة تقريباً قبل أن تنفد.
بالمقابل يزن هاتف iPhone 15 أقل من ربع كيلو، ويتم شحنه بالكامل خلال ساعة ونصف، ويتيح لك التحدث لمدة 25 ساعة متواصلة. بالإضافة إلى قوة الحوسبة الهائلة وإمكانية والوصول الفوري للمعلومات، والقدرة على التقاط الصور بدقة البكسل والفيديو بدقة 4K، إضافة إلى القدرة على بث أحدث أفلام ديدبول.
مر 40 عاماً والتقدم في التكنولوجي يتسارع بشكل ملحوظ.
بطاريات الليثيوم أيون ستتحسن
تسيطر بطاريات أيونات الليثيوم حالياً على سوق السيارات الكهربائية، لكنها تعتمد على معادن نادرة يتم استخراجها من الأرض من خلال عمليات تعدين مكلفة ومضرة بالبيئة وثقيلة على السيارة، وقد تتحلل على مدى سنوات، وتستغرق وقتاً طويلاً لشحنها وتستخدم الكتروليتات قابلة للاشتعال مما يزيد خطر الحرائق في حالة تعرضها للتلف.
خلال 40 عاماً، يتسائل المهندسون عن سبب استخدامنا لمثل هذه الاجهزة البدائية لتخزين الطاقة. ومع ذلك حدثت بعض التحسينات في عام 2010، كانت كثافة الطاقة في بطاريات الليثيوم أيون حوالي 150 واط/كجم، وهي ضعف ذلك تقريباً الآن مما يعني المزيد من الطاقة المخزنة مما يزيد كفاءة الطاقة ومدى القيادة.
أصبح لدينا سيارات قادرة على قطع مسافة 500 كم أو أكثر بشحنة واحدة، مقارنةً ب 150 كم قبل عقد من الزمن، وانخفضت مدة الشحن بشكل عام إلى حوالي 30 دقيقة. وفي الوقت نفسه، أدت التطورات في كيمياء البطاريات وهيكلها وغلافها إلى جعل حزم بطاريات الليثيوم أيون أكثر أماناً ومتانة.
وإضافة إلى ذلك، يتم تطوير أنودات السيليكون لتحل محل أنودات الجرافيت، حيث تتميز بسعة أكبر لتخزين أيونات الليثيوم الفعلية قد تصل إلى 10 أضعاف
ليس هناك شك في أن هذه البطاريات ستشهد مزيداً من التحسينات الهائلة في وقت قصير خلال الأشهر والسنوات القادمة. ومع ذلك تتوفر أيضًا خيارات جديدة ومثيرة في سباق كفاءة البطارية.
الصوديوم متاح بسهولة في أنحاء العالم. تكنولوجيا بطاريات أيونات الصوديوم آخذة في الظهور. وهي لا تستخدم معادن أرضية نادرة.
مميزات بطاريات الصوديوم الأيونية
الصوديوم هو سابع أكثر العناصر وفرة على الأرض وأقلها تكلفة! كما أن بطاريات أيونات الصوديوم لا تحتاج إلى الكوبالت أو النيكل (المعادن النادرة التي يثير استخراجها مخاوف اخلاقية وبيئية).
وتتميز بطاريات أيونات الصوديوم بسرعة شحنها، حيث يمكن أن تصل إلى 80٪ من سعتها خلال 10 إلى 15 دقيقة بفضل الحركة السريعة لأيونات الصوديوم المنحل بالكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه البطاريات استقرارًا حراريًا أعلى مما يقلل من مخاطر ارتفاع درجة الحرارة والحرائق.
لكن كثافة طاقتها أقل من بطاريات الليثيوم أيون مما يجعلها أثقل وأضخم بالنسبة للطاقة المخزنة، مما يؤدي إلى انخفاض مدى القيادة. كما قد تنخفض دورة حياتها أيضاً بسبب مواد الأنود مثل الكربون الصلب الذي يتحلل بشكل أسرع.
ومع ذلك، ستؤدي التطورات المستمرة في مجال البحث والتطوير إلى تحسين الأداء والمتانة، وقد دخلت أولى السيارات الكهربائية المزودة ببطاريات أيونات الصوديوم حيز الإنتاج في الصين من إنتاج شركتي "ييوي" و "جيميف
عامل في مختبر"كوانتم سكيب" الشركة الرائدة في مجال بطاريات السيارات الكهربائية الصلبة.
الحالة الصلبة
هل قد تكون بطاريات الحالة الصلبة هي الشيء الكبير القادم؟ إن الإلكتروليت الصلب بدلاً من السائل أو الهلام، غير قابل للاشتعال ويقلل من خطر اندلاع حريق. وبالتالي يمكن تصنيع الإلكتروليت نفسه من مواد مختلفة مثل السيراميك والبوليمرات.
وعلى هذا النحو، قد تكون كثافة الطاقة أعلى بمرتين أو ثلاث مرات، ما يجعل البطارية أصغر حجماً وأخف وزناً، مما يتيح مدى قيادة يزيد عن 1000 كم بشحنة واحدة. كما يمكن شحنها بشكل أسرع وتدوم لفترة أطول كونها أقل عرضة للتلف الذي تعاني منه بطاريات الليثيوم أيون.
تبدو مثالية، أليس كذلك؟ إن المواد وعملية التصنيع أكثر تعقيداً وتكلفة، وقد يكون أداء بعض الإلكتروليتات الصلبة ضعيفاً في درجات الحرارة المنخفضة، وهو أمر غير مثالي في يوم شتاء بارد. كما أنها ليست متاحة بعد، ومن المتوقع أن تستغرق سنوات قبل أن تصبح متاحة على نطاق واسع.
ويتسابق العديد من الشركات المصنعة ليكونوا أول من يطرحها في السوق. ويبدو أن اليابانيين تحديداً يتصدرون السباق في هذا المجال، حيث وعدت كل من تويوتا وهوندا ونيسان بتكنولوجيا البطاريات الجديدة بحلول عام 2028 على أقصى تقدير. ومن بين الشركات الأخرى فورد وبي إم دبليو وفولكس فاجن التي دعمت شركة "كوانتم سكيب" الناشئة لطرح بطاريات الحالة الصلبة في السوق.
وقد نبدأ في رؤية هذه البطاريات الجديدة في بعض السيارات الفاخرة الراقية بحلول عام 2026.
مرحلة الانتقال من المغنيسيوم إلى الجرافين
تستخدم بطاريات الليثيوم- كبريت،عنصر الكبريت المتوفر بكثرة طاقة جيدة، لكن عمرها الافتراضي أقصر كما أن تكوين الكبريتيد المتعدد يقلل الكفاءة بمرور الوقت.
وتستخدم بطاريات الألومنيوم-أيون، الألومنيوم كأنود. وهو ليس المعدن الأكثر وفرة فحسب، بل إن البطاريات أقل عرضة لارتفاع درجات الحرارة. ومن الصعب العثور على إلكتروليت يعمل معه بشكل جيد.
وتستخدم بطاريات أيونات المغنيسيوم، المغنيسيوم كأنود يحتوي على شحنة موجبة مضاعفة ويمكنه تخزين المزيد من الطاقة. هذه المادة متوفرة بكثرة وأكثر أماناً في الاستخدام، لكن تواجه البطاريات أيضًا مشكلة توافق الإلكتروليتات.
وتستخدم بطاريات الجرافين طبقة واحدة من ذرات الكربون، مُرتبة في شبكة ثنائية الأبعاد. وهي تتمتع بتوصيل استثنائي لسرعات شحن أفضل، ولكن إنتاج الجرافين مكلف ومعقد.
طبقات البطارية
في حين أن فكرة الطبقات في البطارية قد تتصور أنها صور الخلايا المعبأة في طبقات منتفخة، إلا أنها تشير إلى طلاءات من المواد المتقدمة المطبقة على مكونات البطارية. وهي مصممة لتعزيز الأداء وطول العمر والسلامة.
في بطاريات أيونات الليثيوم يمكنها حماية الأقطاب الكهربائية من التدهور، بينما في بطاريات أيونات الصوديوم يمكنها تثبيت مواد الأقطاب الكهربائية، وتعزيز التوصيل وتحسين الاستقرار الحراري. وحتى عند تطبيقها على بطاريات الحالة الصلبة، فإنها ستعزز الواجهة بين الإلكتروليت الصلب والأقطاب الكهربائية وتحسن كثافة الطاقة والأمان.
وفي حين أنه قد لا يكون من الواضح أي من هذه التقنيات الناشئة ستسود في المستقبل، بل قد تكون أكثر من واحدة منها هي التي ستقود السيارات الكهربائية في المستقبل، إلا أن ما هو واضح هو وتيرة التقدم التكنولوجي في أنظمة الدفع الكهربائية. ويشير ذلك أيضاً إلى التحسينات الهائلة في المتانة والسلامة وأوقات الشحن ونطاقات القيادة التي ستشهدها قريباً.