بعض أصحاب السيارات يفتقدونه وبعضهم يستمتع بغيابه. ما هو؟ صوت محرك السيارة. في السيارة الكهربائية، ليس هناك ضجيج قادم من المحرك.
والصمت ليس عندك المحرك فقط، وإنما كل الاهتزازات المصاحبة لوجود المحرك في سيارة الاحتراق الداخلي اختفت تماما في السيارة الكهربائية. تخيل ماكينة تحتوي على أكثر من 100 انفجار في الثانية، مع مكابس تدور بقوة العمود المرفقي بسرعة آلاف الدورات في الدقيقة. كل هذا اتلغى في السيارة الكهربائية!
لذلك السيارة الكهربائية أعجوبة حديثة بكل المقاييس، لأنها تعطيك قيادة هادئة بفضل قلة الأجزاء الميكانيكية المتحركة داخل السيارة، ويتم تغذية السيارة بإلكترونات سرية فقط.
لكن بطبيعة الحال هناك بعض الأصوات عند قيادة السيارة الكهربائية، مثل همس الطريق وهدير الرياح. وأي نقص في جودة الإنتاج يؤدي على الفور إلى صرير وخشخشة في مكان ما في السيارة. لكن غياب ضجيج المحرك في السيارة الكهربائية يؤدي إلى تضخيم بقية الأصوات المحيطة مثل الرياح والاحتكاك بالأرض ويغير البيئة السمعية التي يتوقعها سائق السيارة.
وهنا جوهر الموضوع! بينما تعيد السيارات الكهربائية تعريف البيئة الصوتية للقيادة، هذا يمثل فرصا وتحديات لمصممي الصوت داخل السيارة. هذا الوضع الجديد يحتاج إعادة تصميم دقيق ويتطلب الإبداع من شركات السيارات ومهندسي الصوت.
مهندسون يشرحون صوتيات السيارة
تحدثنا مع خبراء من شركة نيسان وجنيسيس الكورية للسيارات الفاخرة للتعرف على أنظمة الترفيه في السيارة.
قال متحدث جنيسيس إن التحول للسيارات الكهربائية؛ مع التخلص من ضجيج المحرك، يؤدي إلى ظهور أصوات عالية التردد من المكونات الكهربائية التي كانت مخفية سابقاً بسبب علو مكونات نظام الاحتراق.
ويوضح بول سبيد-أندروز، مدير تخطيط أداء السيارات في مركز نيسان في أوروبا: "مع انخفاض ضوضاء المقصورة، تبرز الأصوات الأخرى التي كان يخفيها صوت المحرك. نحن الآن ندير الأصوات التي تصدرها المحركات الكهربائية والمحولات، وضوضاء الطريق المعتادة."
في السيارة الكهربائية، لم يعد نظام الترفيه ينافس طنين المحرك، لكن يتعامل مع الضوضاء المتغيرة مثل احتكاك الإطارات والأنين الكهربائي عالي التردد.
صمت المحرك
ويدرك توماس ألين، مهندس تصميم الأنظمة الصوتية في مركز نيسان في أوروبا، الأبعاد الأخرى لصمت المحرك، فيقول: "نعم، السيارات أهدأ بشكل عام وتساعد في تحسين التجربة الصوتية للراكب. لكن الأساسيات متشابهة." ولتحقيق أفضل أداء صوتي، نحن نطبق نفس التقنيات على السيارات الكهربائية وسيارات الاحتراق الداخلي."
حتى المعدات هي نفسها حسبما قال توماس: “في الماضي كنا نصمم مكبرات صوت محددة بحيث تكون خفيفة قدر الإمكان في السيارات الكهربائية لتخفيف وزن السيارة. اليوم نستطيع تحقيق نفس الأداء بنفس الوزن، لذا نستخدم نفس الأجزاء الآن في السيارات التقليدية."
مع ذلك، يجب تحسين أنظمة الصوت في السيارات الكهربائية للتعامل مع نطاق أوسع من الترددات بوضوح ودقة. ويحتاج نظام الصوت إلى إكمال روعة الأجواء داخل السيارة الكهربائية، ما يتطلب من مهندسي الصوت إعادة النظر في مكان مكبر الصوت وضبط النظام ودراسة المواد الصوتية المستخدمة في السيارة.
السيارة نيسان ليف تستخدم نظاما صوتيا حققت شعبية كبيرة من شركة BOSE.
إسكات الأصوات الطائشة
كان تقليل الضوضاء والاهتزاز والخشونة شعاراً لصناعة السيارات منذ عقود. وكان الاستخدام المكثف للمواد عازلة الصوت حلاً فعالاً في الماضي. لكنه يضيف وزناً للسيارة، وهذا قرار غير مناسب للسيارة الكهربائية حتى لا يقل مدى السير.
تحولت شركات السيارات إلى تقنيات منع الضوضاء النشطة مثل إرسال موجات مضادة لإلغاء الضوضاء. مع ذلك "يكون الكتم الاستباقي أكثر فعالية عند الترددات المنخفضة، وهو مثالي لبعض أشكال الضوضاء والاهتزاز والخشونة،" حسبما يقول صديقنا من شركة جنيسيس.
والأمر لا يقتصر على ذلك. تكتيكات شركة نيسان تشمل تقليل إشعاع الضوضاء وتحسين صلابة متن السيارة والعزل الهيكلي. ولا تكتفي الشركة بخفض مستويات الضوضاء الإجمالية وإنما تستخدم لوحة سمعية متسقة تساعد سيستم الصوت في السيارة في تصميم البيئة الصوتية على أساسه.
إعادة إنتاج التجربة السمعية المفقودة
هل إعادة إنتاج ضوضاء المحرك – بدون وجود محرك – هي شيء إيجابي في السيارة الكهربائي؟ هنا يوجد اختلاف في الرأي. يقول خبير شركة جنيسيس: “حين لا يكون لدى السيارة أي ردود فعل صوتية من سرعة المحرك، ذلك يؤدي إلى فقدان الإثارة الخاصة بانطلاق السيارة والتي اعتاد عليها الراكب والمرافقون، وكانت تنتج هذه الإثارة من الضوضاء والاهتزازات الصادرة عن محركات الاحتراق. هذا يوضح أهمية تصميم وضبط جودة الصوت حسب التفضيلات الشخصية لمالك السيارة.
مع ذلك، طبقا لـ "سبيد اندروز" يستمتع العملاء بهدوء السيارات الكهربائية، فهم يعتبرون هدوء المقصورة أحد أسباب شراء سيارة كهربائية، لذا قلة ضجيج المحرك سمة إيجابية عند البعض."
ويحذر من عمليات المحاكاة التي تعيد إنتاج ضوضاء السيارة التقليدية داخل السيارات الكهربائية. لكنه يدعو إلى تصميم تجارب صوتية خاصة حسب ذوق صاحب السيارة الكهربائية. قد يتضمن استخدام الأزيز الكهربائي الفريد للمركبة أو استخدام أصوات إلكترونية تؤجج مشاعر الانطلاق والمستقبلية التي تمثلها السيارة الكهربائية.
ويتفق مهندس جنيسيس مع أن الجيل الجديد من سائقي السيارات لديهم توقعات مختلفة في صوت السيارة. فهم يحبون التواصل مع العالم ولا يريدون الإزعاج التقليدية الذي تسببه السيارة العادية: "أغراض استعمال السيارة في تغير مستمر. وأغراض السيارة تتطور. الآن سائق السيارة يريد إمكانيات اتصالية جبارة في السيارة، أي أن مؤثرات الضوضاء الأخرى في السيارة تشتت انتباهه ولا حاجة لها."
تخصيص البيئة الصوتية
يود مالك السيارة الآن لو امتلك القدرة على تخصيص البيئة الصوتية، وحتى إنشاء بيئة صوتية فردية تناسبه وحده. هذه هي الميزات التي يتم تطويرها لتعزيز الترفيه داخل السيارة. ولا يعني ذلك وجود نظام صوتي عال الجودة وحسب وإنما نظام مرن قابل للتهيئة، يستجيب لكل الاحتياجات داخل المقصورة، بدءاً من تلقي المكالمات والاستماع إلى الموسيقى والبث الصوتي، دون تداخل من أصوات السيارة غير المرغوبة.
مناورات أوركسترالية
في معضلة غريبة. من المفترض أن يزيد هدوء السيارات الكهربائية جاذبيتها لعشاق الموسيقى. لكن المسألة ليس بهذه البساطة، فإزالة محرك الاحتراق أدت إلى بروز كل الأصوات المزعجة التي لم نسمعها في السابق، مثل ضجيج الطريق وصوت الريح وتفاصيل كثيرة من قعقعة وصرخات لم تكن محسوسة من قبل.
ولإسكات هذه الفوضى الصوتية، تضاعف شركات السيارات جهودها لإنتاج تكنولوجيا ومنهجية تخفيف الصوت، والرحلة نحو ترتيب صمت السيارات الكهربائية ستوفر تجربة صوتية حيوية ومثيرة في السيارة الكهربائية.