السيارات الكهربائية ذات المدى الممتد: جسر نحو الكهربة الكاملة

مع تقدم دول الخليج في تبني السيارات الكهربائية، لا يزال القلق بشأن المدى والبنية التحتية المحدودة للشحن يشكّلان عائقاً أمام بعض المستهلكين. تُعدّ السيارات الكهربائية ذات المدى الممتد (EREVs) حلاً عملياً يجمع بين تجربة القيادة الكهربائية وطمأنينة وجود مولد بنزين احتياطي.

تعمل سيارات EREV بأسلوب مختلف عن السيارات الكهربائية الخالصة والمركبات الهجينة القابلة للشحن (PHEVs). فهي تعتمد كلياً على محركات كهربائية للدفع، لكنها مزوّدة بمحرك احتراق داخلي صغير لا يحرّك العجلات، بل يعمل فقط كمولد كهرباء لإعادة شحن البطارية عند انخفاض مستواها، ما يسمح للسيارة بمواصلة السير دون الحاجة إلى الشحن الفوري.

كيف تعمل سيارات EREV

تعتمد سيارات EREV على مبدأ “الكهرباء أولاً”. فهي تسير بالطاقة الكهربائية من البطارية حتى تقترب من النفاد. عندها يبدأ تشغيل محرك احتراق داخلي صغير، لا لتدوير العجلات، بل لتوليد الكهرباء. يمكن استخدام هذه الكهرباء إما لتشغيل المحرك الكهربائي مباشرة أو لإعادة شحن البطارية، حسب الحاجة.

هذا الفصل بين الدفع وتوليد الطاقة يميّز سيارات EREV عن السيارات الهجينة القابلة للشحن، حيث يشترك المحرك الكهربائي ومحرك الاحتراق في دفع العجلات. أما في سيارات EREV، فالدفع دائماً كهربائي، سواء أتت الطاقة من البطارية أو من المولد.

نمو متسارع في السوق الصينية

رغم أن تبني سيارات EREV لا يزال محدوداً في بعض الأسواق الغربية، فإن التقنية شهدت نمواً سريعاً في الصين. تُعد شركة “لي أوتو” (Li Auto)، التي تأسست في 2015، أكبر مصنّع عالمي لهذا النوع من السيارات. وفي عام 2024 فقط، سلّمت الشركة أكثر من 500,000 سيارة، بزيادة سنوية بلغت 33%.

تشمل طرازاتها سيارات مثل “لي L6”، وهي سيارة SUV فاخرة لعام 2025 بمدى قيادة إجمالي يبلغ 1,390 كم، وتسارع من 0 إلى 100 كم/س خلال 5.4 ثوانٍ، مع استخدام محرك بنزين سعة 1.5 لتر كموسّع للمدى. وتشمل مجموعة الشركة أيضاً طرازات “L7” و”L8” و”L9”، وهي جميعها سيارات SUV فاخرة ساهمت في نمو العلامة التجارية بشكل كبير.

يرى كثير من السائقين في الصين أن سيارات EREV تمثل حلاً عملياً لتحديات البنية التحتية. ففي المدن المكتظة، حيث يصعب تركيب شواحن منزلية، ومع تكرار الرحلات الطويلة، توفر هذه السيارات مرونة تشغيلية دون التخلي عن مزايا القيادة الكهربائية.

اهتمام متفاوت في الأسواق الغربية

كان حضور سيارات EREV محدوداً في أوروبا وأمريكا الشمالية. وكانت BMW من أوائل الشركات التي طرحت هذا المفهوم من خلال طراز i3 Range Extender، والذي استخدم محرك احتراق صغير يُشغّل عند اقتراب البطارية من النفاد، ما يمنح مدى إجمالياً يصل إلى 444 كم. لكن إنتاج الطراز توقّف في عام 2022.

كما طوّرت مازدا طراز MX-30 R-EV، الذي اعتمد على محرك دوار صغير كمولّد كهرباء، ووفّر مدى كهربائي يبلغ نحو 80 كم، ومدى إجمالي يصل إلى 644 كم. وقد تم سحب الطراز من السوق الأمريكية في عام 2023 بسبب انخفاض الطلب.

وقد تشهد هذه الفئة انتعاشاً مع شاحنة “رام تشارجر” (Ramcharger) القادمة من شركة RAM، والتي تجمع بين بطارية سعة 92 كيلوواط/ساعة ومحرك V6 يعمل كمولّد، لتمنح مدى كهربائي يبلغ 240 كم ومدى إجمالي يصل إلى 1,110 كم. وهي مصممة للتعامل مع تحديات الأداء والمدى التي تواجهها الشاحنات الكهربائية، خصوصاً في مهام السحب والقيادة لمسافات طويلة.

MX-30 R-EV، تم سحبها من أمريكا الشمالية في عام 2023 بعد انخفاض الطلب عليها.

فوائد سيارات EREV

تهدف سيارات EREV إلى معالجة أحد أبرز مخاوف مستخدمي السيارات الكهربائية، وهو القلق من نفاد الشحن. وبما أن مولد البنزين لا يعمل إلا عند الحاجة، فإن معظم التنقلات اليومية تتم بالطاقة الكهربائية فقط، مما يقلّل من تكاليف التشغيل ويتيح قيادة دون انبعاثات داخل المدن، مع ضمان استمرار التشغيل في حال تعذّر الوصول إلى نقطة شحن.

يتراوح المدى الكهربائي لهذه السيارات عادةً بين 50 و150 كم، بحسب حجم البطارية. وهذا كافٍ لمعظم المستخدمين، لا سيما في التنقلات اليومية القصيرة. وعند الحاجة إلى السفر لمسافات أطول، يوفّر المولّد الاستمرارية دون انقطاع.

وتتميّز محركات الاحتراق في سيارات EREV بأنها تعمل بسرعة ثابتة ومحسّنة لاستهلاك الوقود، بخلاف السيارات الهجينة التقليدية التي يتغيّر أداء محركها تبعاً لظروف الطريق، ما ينعكس على الكفاءة.

التحديات والمفاضلات

رغم مزاياها، فإن سيارات EREV أكثر تعقيداً من السيارات الكهربائية الخالصة أو الهجينة التقليدية. فهي تحتاج إلى نظام دفع كهربائي كامل إلى جانب محرك احتراق يعمل كمولّد، مما قد يرفع تكاليف التصنيع والصيانة على المدى الطويل. كما أن هذا النظام المزدوج قد يطرح تحديات في توزيع الوزن، خاصة في السيارات الصغيرة.

ويُعد المدى الكهربائي لسيارات EREV أقصر من مدى السيارات الكهربائية الخالصة، والذي قد يصل اليوم إلى 300–600 كم. أما سيارات EREV الحديثة، فيبلغ مداها الكهربائي نحو 100 كم فقط قبل الحاجة إلى تشغيل المولد.

هناك أيضاً اعتبارات تنظيمية وسوقية؛ فمع تشديد معايير الانبعاثات حول العالم، قد تواجه السيارات التي تحتوي على محرك احتراق – حتى وإن كان لأغراض توليد الكهرباء فقط – قيوداً مستقبلية. كما أن كثيراً من المستهلكين لا يميزون بين سيارات EREV والسيارات الهجينة القابلة للشحن، ما قد يؤثر على الإقبال عليها.

نظرة مستقبلية

تبدو سيارات EREV الأنسب كحل انتقالي في الأسواق التي لا تزال فيها البنية التحتية للشحن غير كافية أو غير مستقرة. فعلى المدى القصير، يمكن لهذه التقنية أن تسهم في تجاوز العقبات التي تعترض تبني السيارات الكهربائية، لا سيما للمقيمين في الشقق السكنية أو في المناطق الريفية، أو لمن يعتمدون على التنقل لمسافات طويلة دون ضمان توافر الشحن السريع.

وفي الصين، يُتوقّع أن تواصل سيارات EREV نموّها في المستقبل القريب. لكن حتى الشركات الرائدة مثل “لي أوتو” بدأت توسّع استثماراتها في السيارات الكهربائية الخالصة، مما يشير إلى أن المسار الطويل الأمد لا يزال يتجه نحو الكهربة الكاملة.

أما في منطقة الخليج، فقد تكون سيارات EREV خياراً عملياً لمن يرغب في تجربة السيارات الكهربائية دون القلق بشأن المدى أو بنية الشحن التحتية. فهي تمنح المستخدمين فرصة لاختبار مزايا التنقل الكهربائي اليوم، دون تحمّل بعض التنازلات المرتبطة بالبداية المبكرة لاعتماد التكنولوجيا الجديدة.

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

مرسيدس-بنز تطلق سيارة G 580 EQ الكهربائية

مرسيدس-بنز تطلق سيارة G 580 EQ الكهربائية

كشفت مرسيدس-بنز عن G 580 EQ، النسخة الكهربائية من الفئة G، بمدى 473 كم، وميزات متطورة للطرق الوعرة، وتجهيزات فاخرة، مما يعزز حضورها في قطاع السيارات الكهربائية الفاخرة.

أحدث مقاطع الفيديو