رياضات السيارات الكهربائية: سباق نحو المستقبل

سواء كنت تحب السيارات الكهربائية أو لا تحبها أو لم تتخذ قرارك بعد.. الشيء الوحيد الذي قد يتفق عليه الجميع أن السيارات الكهربائية سريعة وسريعة جدا. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الطبيعة الفريدة لإيصال عزم الدوران عن طريق نظام نقل الحركة الكهربائي. ومن خلال توجيه الدفع المباشر والفوري إلى العجلات، يمكن للمحركات الكهربائية الدوران بالسرعة القصوى آنيا، ونشر ذروة عزم الدوران في جزء من الثانية.

ورياضات السيارات تتعلق بالأساس بالسرعة والقدرة على التسارع! لذا تبدو السيارات الكهربائية خيارا مثاليا لسباقات السيارات. وقد قال هنري فورد: "بدأ أول سباق للسيارات بعد خمس دقائق من تصنيع السيارة الثانية." وهذا صحيح. أول سباق مُسجّل في التاريخ كان عام 1867! وكان أيضا أول سباق شوارع غير قانوني في العالم، لأنه خالف القانون الذي ألزم الرجل بالسير أمام السيارة حاملين راية حمراء! وبالتالي بدأ السباق الساعة 4:30 صباحا يوم 30 أغسطس بين مدينة "أشتون أندر لين" وحي "أولد ترافورد" في مدينة مانشستر الإنجليزية.

وبسبب الميل البشري لحشد القدرات التنافسية، لاشك أن أصحاب السيارات الكهربائية أرادوا المشاركة في سباق بعد صنع أول سيارتين. لكن فيما يتعلق الأمر بأنظمة سباقات السيارات، عقدت سباقات "الفورمولا إي" المتخصصة في سباقات السيارات الكهربائية أول سباق لها عام 2014!

نمو رياضات السيارات الكهربائية

تشمل التخصصات الرئيسية في رياضات السيارات الكهربائية (1) فورمولا E (Formula E)، و(2) "إكستريم إي" (Extreme E)، ومجموعة واسعة من السباقات الجديدة والقادمة. مع ذلك ظلت سباقات "فورمولا إي" في الصدارة، وأثبتت نفسها كسلسلة سباقات رائدة مدعومة من شركات السيارات الكبرى مثل أودي، وبي إم دبليو، وجاجوار، وسباقات تُقام حول العالم.

وتتبع سباقات “إكستريم إي” التي انطلقت عام 2021، نهجا فريدا يجمع بين السباقات الكهربائية والأنشطة البيئية. وتتسابق سلسلة الطرق الوعرة في مواقع نائية حول العالم، لتسلط الضوء على آثار تغير المناخ والترويج للسيارات الكهربائية.

سألنا إليس سبيزيا من شركة "إليسيوم ريسنج" (Ellysium Racing)، وهو متسابق محترف في سباقات السيارات الكهربائية وسفير لرياضات السيارات الكهربائية، كيف تصل سباقات السيارات الكهربائية إلى مرحلة النضج؛ فكانت الإجابة:

"في السنوات الخمس الماضية، شهدنا قفزة هائلة في اهتمام المتسابقين والمشجعين. هي مسألة وقت وسوف ينمو هذا الاهتمام. السباقات تحولت من مناسبات متواضعة في عطلات نهاية الأسبوع إلى فعاليات مهرجانية." وهذا عامل مهم في جذب جمهور جديد.

وأضاف سبيزيا: "كان لدينا فقط سباق فورمولا إي، والآن لدينا عدد من السباقات الأخرى تحت الإعداد. لا يزال التحدي قائما ورأينا حصتنا العادلة تعاني أو تتآكل؛ لكن هذا أمر طبيعي".

إكستريم إي هي سلسلة سباقات على الطرق الوعرة في أماكن نائية تجمع بين السباقات الكهربائية والنشاط البيئي.

رد عشاق رياضات السيارات

قوبل التحول إلى سباقات السيارات الكهربائية بردود فعل متباينة من عشاق رياضات السيارات. كان التقليديون الذين يستمتعون بهدير محركات الاحتراق الداخلي متشككين في المتسابقين الأكثر هدوءا في السيارات الكهربائية. لكن شريحة متزايدة من المشجعين أصبحت تُقدّر المنافع البيئية والابتكارات التكنولوجية في سباقات السيارات الكهربائية.

يقول سبيزيا: "الأمر مختلط طبعا. لكن هناك الكثير من الانفتاح الآن مقارنة بقبل بضع سنوات. أعتقد أن التركيز على الأداء هو المفتاح، ورؤية سلاسل السباقات تكتسب مشجعين من الأجيال الجديدة وقاعدة أصغر سنا هو أمر مثير للاهتمام".

فمثلا سباقات فورمولا إي تجذب جمهورا أصغر سنا وأكثر وعيا بالبيئة. وتوفر سباقاتها شكلا جذابا، ما يجذب الحشود التي قد لا تحضر أحداث رياضات السيارات التقليدية. وتضمين عناصر مشاركة المشجعين، مثل "فان بوست"، الذي يسمح للجماهير بالتصويت لسائقيهم المفضلين للحصول على تعزيز إضافي في القوة، جعل الرياضة محبوبة لفئات جديدة من الجماهير.

وجهات نظر أبطال السباقات الكلاسيكية

أشاد متسابقون مثل "لوكاس دي جراسي" و"سباستيان بومي"، وكلاهما من الأبطال السابقين لسباقات "فورمولا إي"، بالسلسلة لطبيعتها التنافسية والمهارات الفنية المطلوبة للتفوق في سباقات السيارات الكهربائية.

أما إليس سبيزيا، الذي سيشارك في سلسلة رالي كروس الكهربائية RX2e في أوروبا هذا الصيف ونيتروكروس في الولايات المتحدة في الخريف، فيقول: "سائق السباق هو سائق السباق. ليس هناك تمييز. نحن جميعا نريد الأداء. ما لا يُمكن إنكاره أن للسيارات الكهربائية أسلوب قيادة فريدا وشعورا مختلفا، وهي سريع للغاية."

ويفتح سباق السيارات الكهربائية الأبواب والفرص لمن لا يتمكنون من دخول رياضة النخبة. يقول سبيزيا: "أعيش في المدينة وليس ابن عائلة رياضية، ولم يكن الانضمام إلى سباقات السيارات خيارا متاحا لي".

ويضيف: "في عام 2019، كانت رياضة الكارتينج (Karting) التنافسية الكهربائية انطلقت للتو في أوروبا. كانت عبارة عن الوصول والقيادة، وتكلفة أقل من تكلفة السباقات التقليدية. فكانت تحمل الكثير من الفوائد وركزت على تطوير السائق والأداء، ورأيت أني أستطيع أن أكون أحد رواد هذا التنويع الجديد على رياضة قديمة، وهي فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة كل قرن".

كان سباق الدرعية الإلكتروني 2024 مليئاً بالإثارة والتشويق!

التحول التكنولوجي إلى سيارات الطرق

تاريخيا، كانت رياضات السيارات معمل اختبار للتقنيات الجديدة قبل أن تشق طريقها إلى المستهلك. ينطبق الشيء نفسه على السباقات الكهربائية. فتطورات تكنولوجيا البطاريات وأنظمة إدارة الطاقة والكبح المتجدد وجدت طريقها إلى سيارات المستهلك النهائي (بعدما تجريبها في السباقات).

غالبا ما تستخدم شركات السيارات المشاركة في "فورمولا إي" السباقات كمنصة اختبار وتطوير تقنيات السيارات.

ويضيف إليس سبيزيا: "رياضات السيارات أرض خصبة للابتكار لسيارات الطرق والآن طائفة كاملة من الصناعات الأخرى مثل الرعاية الصحية والتكنولوجيا الكبيرة. وفي رياضات السيارات الكهربائية، نشهد الكثير في مجال ابتكار البرمجيات وإنترنت الأشياء، والكبح المتجدد، والسلامة، وتطوير البطاريات، واستكشاف آليات جديدة للشحن النظيف."

تستضيف المملكة العربية السعودية سباقي إكستريم إي وفورمولا إي.

سباقات السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط

استضافت المملكة العربية السعودية سباقات سيارات كهربائية كبرى، ما يؤكد اهتمام منطقة الشرق الأوسط بالاستدامة والابتكار.

وأُقيم سباق "فورمولا إي" في محافظة الدرعية السعودية لأول مرة في ديسمبر 2018 ترويجا لرؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز الطاقة المستدامة. وأقيم السباق على الخلفية التاريخية لمنطقة الدرعية التاريخية، ونجح في وضع السعودية على خريطة رياضات السيارات الدولية وسلط الضوء على الآفاق الواعدة للسيارات الكهربائية في المنطقة.

وبدأت رياضة “إكستريم إي” بسباق Desert X-Prix في السعودية في أبريل 2021. وتحافظ السلسلة على برنامج كلاسيكي يهدف إلى الدعم الاجتماعي والبيئي للمواقع المتأثرة بتغير المناخ. وتسعى السباقات لدعم مساواة رياضات السيارات حيث أن لكل فريق سائقان يتقاسمان واجبات القيادة بشكل متساو.

وفي وقت سابق من هذا العام، أقيم سباق الجائزة الكبرى (EV Grand Prix) للسيارات الكهربائية في الإمارات في منتجع الفرسان الرياضي الدولي في أبوظبي، وتسابق 450 طالبا من 28 مدرسة في الإمارات والولايات المتحدة وإيطاليا ومصر بالسيارات الكهربائية التي صنعوها.

نحو مستقبل السيارات الكهربائية

نمو سباقات السيارات الكهربائية يسلط الضوء على الإمكانات الواعدة لتكنولوجيا السيارات الكهربائية وهندستها وابتكارها. والتقدم على هذا المسار يضمن زيادة سلامة وأمانة وكفاءة السيارات الكهربائية التي تخرج للمستهلك في نهاية الأمر."

لكن هناك جانب آخر مهم لرياضات السيارات الكهربائية، وهو إثبات قدرتها على تقديم المتعة والإثارة والجاذبية، وهذا في إطار جهود تشجيع انتشار السيارات الكهربائية حول العالم. وفي منطقة الخليج هناك ولع كبير بالسرعة والإثارة والمنافسة بالسيارات وهي خصوصية فريدة لهذه المنطقة منذ الأيام الأولى لسباقات الهجن والخيل.

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

"بي إم دبليو" تتقدم في سوق السيارات الكهربائية بينما يتعثر المنافسون

"بي إم دبليو" تتقدم في سوق السيارات الكهربائية بينما يتعثر المنافسون

شركة "بي إم دبليو" تتفوق في مبيعات السيارات الكهربائية، بنمو 22% في الربع الثاني من هذا العام، تاركة المنافسين في الخلف. وتواجه بورشه وآودي ومرسيدس-بنز تحديات بسبب تراجع مبيعات السيارات الكهربائية.

أحدث مقاطع الفيديو

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سجلت سيارة "أسبارك آول" SP600، وهي سيارة يابانية خارقة تعمل بالبطاريات، رقما قياسيا عالميا جديدا لأعلى سرعة مسجلة لسيارة كهربائية على الطرق، حيث وصلت سرعتها إلى 438.73 كم/ساعة في حلبة اختبار السيارات بابينبورج في ألمانيا.

25 مايو, 2024