في يوليو، أعلنت دولة الإمارات عن رؤية طموحة لتسيير 42 ألف سيارة كهربائية على طرق الدولة بحلول عام 2030، وأن تعمل نصف السيارات السائرة على طرق الإمارات بالكهرباء بالكامل، وأن يصبح رُبع سيارات الدولة هجين تعمل بالوقود التقليدي والطاقة المتجددة في عام 2050؛ مع ترك النسبة الباقية من السوق للسيارات التقليدية وسيارات الغاز الطبيعي والهيدروجين.
وأعلنت الإمارات أيضا سعيها لتحويل 70٪ من باصات النقل العام للعمل بالكهرباء و15٪ من هذه النسبة سيارات كهربائية هجين (PHEV). هذا إضافة إلى جعل 50% من الشاحنات المسيرة سيارات هجين (تعمل بالكهرباء والوقود التقليدي في نفس الوقت). والآن نحو 20 ٪ من أسطول سيارات الحكومة يعمل بالكهرباء.
ومع تزايد عدد الراغبين في اقتناء سيارات كهربائية، فقد حان الوقت لتفنيد بعض المغالطات الشائعة عن شحن السيارات الكهربائية والبنية التحتية لمحطات الشحن.
أولا: انتشار البنية التحتية لشحن السيارات
من أبرز المفاهيم الخاطئة المستقرة في أذهان الجمهور في دولة الإمارات أن محطات شحن السيارات الكهربائية نادرة وصعب الوصول إليها في الإمارات. والحقيقة أن الدولة تستثمر بنشاط في شبكة قوية لشحن السيارات الكهربائية. وشهدت المدن الكبرى مثل دبي وأبو ظبي نموا كبيرا في انتشار محطات الشحن، حيث ساهمت الهيئات الحكومية والشركات الخاصة الكبرى في نشر محطات الشحن في عموم البلاد.
في دبي وحدها، يوجد حاليا 370 محطة شحن بإجمالي 680 جهاز شحن فيها جميعا. وتتخذ هيئة كهرباء ومياه دبي خطوات لتوسيع انتشار مرافق الشحن في المدينة بنسبة 170٪ في أقل من ثلاث سنوات بإضافة حوالي 1000 محطة شحن جديدة.
وتم الإعلان عن شراكة بين شركتي "ريجينسي" (Regeny) و"إي في جيت واي" (EVGateway) في يناير 2023 تتعهد الشركتان فيها بنشر 10 آلاف محطة شحن بحلول عام 2030، إلى جانب إنشاء مشروع "إي جي 20" (EG20) – وهو مشروع مشترك بين شركتي أدنوك وطاقة لتوسيع شبكة محطات الشحن الحالية في عموم الإمارات.
مع تسارع الخطى لتحويل حركة المرور في الإمارات إلى السيارات الكهربائية، فإن التزام الحكومة والقطاع الخاص بزيادة مرافق الشحن هو عامل مطمئن لكل من يفكر في التحول إلى السيارة الكهربائية.
وقد احتلت الإمارات المرتبة الثامنة عالميا على مؤشر الجاهزية لتبني حلول النقل الكهربائي 2022 (لتصبح أول دولة من دول مجلس التعاون تقع في المراكز العشرة الأولى). وحاليا، تمتلك الإمارات واحدة من أعلى نسب توافر محطات الشحن في العالم كنسبة إلى عدد السيارات الكهربائية المُسيرة.
محطة شحن تابعة لهيئة كهرباء ومياه دبي في الإمارات.
ثانيا: سرعات الشحن
هناك مفهوم خاطئ ثان عن الوقت المطلوب لشحن سيارة كهربائية. يمكن لماكينات الشحن الحديثة، وخاصة السريعة، شحن معظم البطارية في وقت قصير نسبيا. وتتضمن شبكة الشحن في دولة الإمارات مستويات مختلفة من سرعات الشحن، بداية من الشحن القياسي بالتيار المتردد إلى الشحن السريع بالتيار المستمر فائق السرعة.
فمثلا محطات الشحن التابعة لهيئة كهرباء ومياه دبي بها توليفة متنوعة من أجهزة الشحن ذات القدرات المختلفة كأجهزة شحن التيار المتردد 22 كيلووات و43 كيلووات، أجهزة شحن التيار المستمر السريع 50 كيلووات، وفائق السرعة 150 كيلووات. وفي الوقت نفسه، في جزيرة ياس تنتشر محطات شحن فائقة السرعة 350 كيلو وات، ومع الوقت تتزايد السرعات وتتسع خريطة انتشارها.
ثالثا: إمكانية شحن السيارة في المنزل
هناك قناعة بأن من يعيش في شقة أو بيت بدون فناء خارجي لا يستطيع تركيب وحدة شحن للسيارة الكهربائية في بيته. لكن الحقيقة عكس ذلك. فالعديد من المجمعات السكنية في الإمارات أصبحت تقوم بتركيب وحدات شحن لسيارات السكان، يُتيح لسكان الشقق شحن سياراتهم الكهربائية بسهولة (اسأل عن ذلك قبل الانتقال إلى سكن جديد). وهناك عدد كبير من الشركات تقدم أجهزة الشحن المنزلي.
وبالنسبة لسكان الفيلات والمنازل الكبيرة، هناك عدد كبير من الشركات مثل "تشارج تو موف" (Charge2Moov)، تقدم خدمة تركيب وتشغيل وحدات الشحن المنزلي، وتُضاف تكاليف شحن السيارة على فاتورة كهرباء المنزل ببساطة.
رابعا: تكلفة شحن السيارة مقارنة بالوقود التقليدي
الحديث عن فاتورة الكهرباء يقودنا إلى مناقشة تكاليف تشغيل السيارة الكهربائية وتحديدا تكاليف شحن السيارة. هناك قناعة بأن شحن السيارات الكهربائية غالي الثمن، والحقيقة أن السيارة الكهربائية قد تكلفك أقل بكثير من الوقود التقليدي.
ومن نافلة القول إن انخفاض سعر الكهرباء في الإمارات يجعل السيارة الكهربائية خيارا اقتصاديا بامتياز. ناهيك عن أن العديد من محطات الشحن في الإمارات تقدم خدماتها مجانا أو برسوم مخفضة حاليا، ما يحقق وفورات كبيرة لمالكي السيارات الكهربائية في الإمارات.
ويبلغ متوسط تكلفة شحن سيارة تسلا من الصفر إلى الامتلاء حوالي 30 درهما، وبالمقارنة فإن تكلفة تفويل سيارة تويوتا كامري بالبنزين أكثر من 150 درهما. ويقل متوسط التكلفة عن 23 درهما للشحن لمدة 30 دقيقة في جهاز الشحن السريع 150 كيلووات.
هل الطاقة الكهربائية تأتي من مصادر نظيفة؟
من أين تأتي القوة؟ لو افترضنا أن السيارة الكهربائية صديقة للبيئة، فهل خلفية إنتاج السيارات الكهربائية صديقة للبيئة أيضا؟ نقصد بذلك من أين تأتي الطاقة الكهربائية التي نشحن بها السيارة الكهربائية، وخاصة في بلد مثل الإمارات يمثل النفط والغاز 30٪ من إجمالي النشاط الاقتصادي فيه.
دولة الإمارات لديها استراتيجية شاملة لإدارة التحدي وتنمو بسرعة في استخدام الطاقة النظيفة. فلدى الإمارات ثلاثة مفاعلات نووية تغذي بها شبكة الكهرباء الوطنية، ولديها ثلاثة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم.
كما تتميز الإمارات بأنها أول دولة في المنطقة لديها تكنولوجيا احتجاز الكربون على نطاق صناعي، مع الاعتراف بأن النفط والغاز سيظلان جزءا مهما من اقتصاد الطاقة العالمي لفترة من الزمن في المستقبل. وتساهم تقنية احتجاز الكربون في تعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وبالتالي تعمل الإمارات على محاور مختلفة لتنفيذ أنظمة الشحن الذكي وتكامل الطاقة المتجددة وتقنيات إدارة الشبكات لضمان توزيع متوازن ومستدام للطاقة في عموم البلاد.
اشحن وانطلق!
يوفر التزام دولة الإمارات ببناء بنية تحتية شاملة للشحن، جنبا إلى جنب مع التطورات التكنولوجية، نظرة مستقبلية واعدة لانتشار السيارات الكهربائية. إذا لا داع للتردد في استبدال السيارة التقليدية بالسيارة الكهربائية، وثق في قدرتك على الانطلاق بسيارة جديدة.. نظيفة.. صديقة للبيئة!