أحد الشواغل الكبرى عند التفكير في قيادة سيارة كهربائية في مناخ حار هو أداء السيارة في الحرارة العالية. يخشى مُلاك السيارات أن يؤثر ارتفاع حرارة الجو وحرارة السيارة على أداء السيارة ومداها، وربما احتراق السيارة كما يظهر في بعض المقاطع على الإنترنت. فهل لهذه المخاوف أساس من الصحة؟
هل حرارة البطاريات الكهربائية ترتفع إلى حد الخطر؟
نعم، لكن احتمالية ذلك أقل مقارنة بالسيارات التقليدية، لأن السيارات الكهربائية مزودة بأنظمة تبريد متطورة.
في العادة تعمل البطاريات الكهربائية بشكل مثالي في درجة الحرارة بين 20 و35 درجة مئوية ويكون هذا النطاق مثاليا للشحن والأداء وطول عمر البطارية. لذلك نظريا قد يؤثر الجو الحار على السيارة الكهربائية سلبيا.
وبينما تستخدم بعض السيارات الكهربائية التبريد الهوائي (مثل سيارة "نيسان ليف") باستخدام فتحات ومراوح موزعة استراتيجيا في غرفة البطارية لتدوير الهواء، فإن معظم السيارات الكهربائية تستخدم أنظمة تبريد سائلة - تُعرف باسم "أنظمة الإدارة الحرارية النشطة"، حيث تقوم الوحدات بتدوير خليط من الماء والجليكول لامتصاص الحرارة وإطلاقها من خلال مبرد أو مبادل حراري.
وتراقب أنظمة الكمبيوتر حرارة خلايا البطارية وتنظمها للتأكد من أنها تعمل في وضع مثالي. ويستخدم بعض صانعي السيارات أنظمة تبريد سلبي مثل المشتتات الحرارية في هيكل البطارية.
وتتيح بعض السيارات الكهربائية إمكانية التهيئة المسبقة للبطارية قبل الرحلة، باستخدام أنظمة تدفئة وتبريد تُعيد حرارة البطارية إلى الدرجة المثالية للتشغيل أثناء الشحن.
وتستخدم السيارات الكهربائية آلية "الكبح العكسي" (إبطاء السيارة باستخدام المحرك الكهربائي ثم تحويل الطاقة الحركية الناتجة عن الكبح إلى كهرباء تعيد شحن البطارية). ويساعد الكبح العكسي - على عكس الكبح الاحتكاكي في السيارة التقليدية في تخفيض الحرارة في السيارة.
مع ذلك، فإن السيارة الكهربائية، كأي سيارة، حين تقاد لفترات طويلة في مناخ شديد الحرارة، قد تواجه أنظمة التبريد ضغوطا تفشل في التعامل معها بالكامل.
هل تشتعل السيارات الكهربائية بسهولة؟
بين الحين والآخر تظهر مقاطع فيديو وصور على الإنترنت لسيارات كهربائية تحترق تلقائيا، ما يؤدى إلى ترهيب المتابعين وخلق مخاوف بشأن سلامة السيارات الكهربائية.
لكن وفقا لبيانات مكتب إحصاءات النقل والمجلس الوطني لسلامة النقل بالولايات المتحدة، لا يوجد سوى 25.1 حادث احتراق لكل مائة ألف سيارة كهربائية مُباعة، مقارنة بـ 1529.9 حادث لكل مائة ألف سيارة تقليدية. لكن أكبر نسبة حوادث احتراق تحدث في فئة السيارات الهجينة بواقع 3474.5 لكل مائة ألف سيارة.
وتميل حرائق السيارات الكهربائية إلى احتلال عناوين الأخبار وصفحات التواصل الاجتماعي، حيث يصعب إخمادها. ولأن بطارية الليثيوم تنتج الدخان الكثيف قد تحترق لساعات دون إطفاء. ويحتاج رجال الإطفاء إلى الاقتراب من السيارة لإخماد الحريق، لكن بسبب خطر الفولتية العالية والحرارة والدخان، يجب أن يحافظوا على مسافة آمنة.
وتستخدم بعض خدمات مكافحة الحرائق كاميرات لمراقبة السيارات الكهربائية التي يشب فيها حريق، حتى بعد إخماده لأن بطاريات الليثيوم قد تشتعل مجددا بسبب استمرار خلايا البطارية في توليد الحرارة.
ومن المفارقات أنه بسبب حزم البطاريات الكهربائية المصممة لتكون محمية ومعزولة جيدا، تصبح مهمة رجال الإطفاء أصعب للوصول لمصدر الحريق وإخماده.
كيف تحدث حرائق السيارات الكهربائية؟
قد تحدث حرائق السيارات الكهربائية بسبب تلف ناتج عن اصطدام أو عيوب تصنيع أو سوء الصيانة. ولأن خلايا البطارية تحتوي على كميات كبيرة من الطاقة، قد يؤدي ذلك إلى عملية دوائر متجددة من الحرائق.
وأثناء الشحن، قد تؤدي الكابلات التالفة أو ارتفاع درجة حرارة الموصلات أو الأعطال الكهربائية إلى تلامس الأقطاب (القفلة الكهربائية – Short circuit) ونشوب حريق، وهذه الحوادث تحدث في الأجهزة الكهربائية بالسيارة العادية كما تحدث في السيارة الكهربائية.
والمهم ملاحظة أن حرائق السيارات الكهربائية نادرة نسبيا مقارنة بحرائق السيارة التقليدية حسب البيانات المذكورة سابقا.
هل حرارة الجو ضارة بالسيارة الكهربائية؟
السيارات الكهربائية تعمل جيدا في الطقس الحار، لكن من العدل الاعتراف بأن للطقس الحار أثرا على أداء السيارة والمدى الذي تصل إليه وعمر البطارية. فالطقس الحار يزيد المقاومة الداخلية للبطارية، وقد يؤدي إلى إطالة وقت الشحن. وقد تكون هناك مخاطر احتراق أيضا عند شحن البطارية، خصوصا عند استخدام أجهزة شحن سريعة تُولد حرارة أعلى.
لكن تم تصميم أنظمة التبريد المتطورة في السيارات الكهربائية الحديثة لمواجهة هذه المشكلة.
البطاريات الجديدة تنجح في اختبار الحرارة
يقوم مصنعو السيارات الكهربائية بإدخال تطويرات كبيرة على مقاومة الحرارة ومستويات الأمان في البطاريات الكهربائية. فقد ابتكرت شركة بي واي دي الصينية، وهي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية في العالم، "بطارية النصل" (Blade Battery) الجديدة،
وبطارية النصل خالية من الكوبالت وتستخدم الطاقة بكفاءة عالية مع توفير استقرار حراري أفضل من البطارية التقليدية. وتستخدم هذه البطارية مواد ذات كثافة أعلى مما يوفر مساحة داخل البطارية ويحقق معدلات أمان أعلى.
وقد خضعت هذه البطارية لاختبارات قاسية مثل التسخين حتى 300 درجة (بطارية الليثيوم تحترق عند 260 درجة مئوية)، والشحن الزائد حتى 125 درجة. ووضعت في الفرن وتعرضت للدهس من سيارة نقل، ولم ترتفع حرارتها.
لذا مستقبل السيارة الكهربائية يبدو رائعا.. بلا شك!
