تحقيق: في اليوم العالمي للسيارة الكهربائية.. هل فعلا السيارة الكهربائية خيرٌ للبيئة من سيارة البنزين؟

أسباب عديدة تدفع الناس إلى اقتناء السيارات الكهربائية، منها هدوء السيارة وسلاسة القيادة وقدرات التسارع المدهشة. لكن من أكبر ما يدفع الناس لشراء السيارة الكهربائية هو حب البيئة والأثر البيئي للسيارة. ويتساءل البعض عما إذا كانت السيارة الكهربائية أكثر استدامة من السيارة التقليدية! في اليوم العالمي للسيارات الكهربائية، نحاول في هذا المقال تقديم إجابة واضحة على هذا السؤال. وهي مبدئيا: نعم بكل تأكيد.. السيارة الكهربائية أكثر صداقة للبيئة!.

تشهد السيارات الكهربائية تحولا سريعا في اكتساب الشعبية في الإمارات والسعودية. هذا التحول مدفوع بوعي متزايد بأهمية الاستدامة البيئية وتطور الإجراءات التنظيمية، والالتزام العام بخفض البصمة الكربونية على مستوى العالم. 

في هذا المقال، نقارن بين السيارات الكهربائية والتقليدية في مجال توفير الانبعاثات الضارة بالبيئة على مدار دورة حياة السيارة؛ مع ملاحظة أن هذه المزايا تعتمد إلى حد كبير على نوعية الكهرباء المستخدمة في تموين السيارات الكهربائية وما إن كانت مولدة من مصادر متجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. 

حاسبة تقييم الانبعاثات على مدار دورة حياة السيارة وهي أداة تابعة لوكالة الطاقة الدولية . حاسبة تقييم الانبعاثات على مدار دورة حياة السيارة وهي أداة تابعة لوكالةمن هذه الحاسبة، يمكن اختيار حجم السيارة التي تريد مقارنتها وتحديد البلد والمنطقة التي تسير فيها السيارة وحساب انبعاثات السيارة على مدار حياتها الافتراضية. ورغم أن هذه الحاسبة لا تغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى الآن؛ فقد تُضاف إليها المنطقة لاحقا، مع نمو عدد السيارات الكهربائية لدينا.

نظرة على انبعاثات السيارة على مدار دورة الحياة

تُشير انبعاثات دورة حياة السيارة إلى إجمالي انبعاثات السيارة بداية من مراحل الإنتاج ثم التسيير ثم إعادة التدوير. وفي حالة السيارات التقليدية، تأتي النسبة الأكبر من الانبعاثات من احتراق الوقود أثناء القيادة. 

بينما في حالة السيارات الكهربائية لا تصدر أي انبعاثات في مراحل التشغيل، وتنحصر الانبعاثات في مراحل التصنيع وعند توليد الكهرباء لتموين السيارة؛ إن لم تأت الكهرباء من مصادر متجددة.

وحسب تقييم وكالة الطاقة الدولية، فإن سيارة تقليدية متوسطة الحجم تبث ثاني أكسيد الكربون أعلى من السيارة الكهربائية المناظرة بنحو 40% خلال دورة حياتها. 

وهناك بعض الأمور تحتاج مزيدا من الإيضاح هنا. فالانبعاثات الإجمالية لأغلب السيارات الكهربائية أعلى من السيارات التقليدية في بداية العمر الافتراضي، لكن نقطة التعادل تأتي سريعا، بعد عام واحد في الغالب.

دعونا نلق نظرة على السيناريوهين! 

سيارة الدفع الرباعي:

سيارة الدفع الرباعي الكهربائية الكبيرة، التي تقطع مسافة 50 كيلومترا يوميا على مدى 10 سنوات، تُنتج انبعاثات إجمالية 18.1 طنا من ثاني أكسيد الكربون في حياتها. هذا على افتراض أن الكهرباء المولدة تأتي بنسبة 40% من الغاز الطبيعي، و20% من الرياح، و15% من الطاقة النووية. وتنخفض انبعاثات السيارة إلى 11 طنا إن جاءت الكهرباء من مصادر متجددة بنسبة 98%.

أما السيارة الرياضية كبيرة الحجم وتسير نفس المسافة في نفس الزمن بالبنزين العادي (الذي يحتوي على نسبة 4.6% من وقود حيوي كالإيثانول)، تنتج 45.6 طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون.

ورغم ارتفاع الانبعاثات في مرحلة تصنيع البطاريات في حالة السيارة الكهربائية، فإن الانبعاثات الإجمالية للسيارات الكهربائية تقل عن انبعاثات السيارات العادية بعد السنة الأولى من الاستعمال.

مقارنة سيارة متوسطة الحجم

ينطبق نفس المثال السابق على السيارات متوسطة الحجم. فسيارة البنزين تنتج انبعاثات 30.5 طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون في عشر سنوات مقابل 14.7 طن من السيارة الكهربائية. وتتراجع الانبعاثات التراكمية للسيارة الكهربائية لتقل عن سيارة الاحتراق الداخلي بعد عام واحد.

وقد يكون من المفيد تجريب عدة سيناريوهات على "حاسبة وكالة الطاقة" لمعرفة حالة الاستهلاك وكميات الانبعاثات في سيارتك حسب المعطيات الدقيقة لحالتك.

وأصبحت أغلب شركات السيارات تنشر معلومات تفصيلية عن انبعاثات موديلات سياراتها على مدار دورة الحياة. وتركز بعض الشركات، مثل بوليستار وفولفو، على استهداف تحقيق الحياد الكربوني الكامل خلال عشر سنوات من الآن.

مزيج الطاقة والآثار الإقليمية

اتخذت الإمارات والسعودية خطوات جوهرية لتنويع محافظ الطاقة في البلاد، بدمج مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية بشكل متزايد في مزيج الطاقة على المستوى الوطني (فنحن أثرياء في موارد الطاقة الشمسية بكل تأكيد!). 

وتشير "حاسبة وكالة الطاقة" إلى أن المناطق التي تتمتع بأعلى انتشار لموارد الطاقة المتجددة تكتسب المزيد من خفض الانبعاثات على مدار دورة حياة السيارات الكهربائية.

في المناطق التي تعتمد على الطاقة النظيفة، قد تكون انبعاثات السيارات الكهربائية أقل بنسبة 70% من السيارات العادية على طول دورة الحياة. وتؤكد هذه الإحصائية على الإمكانات الكبيرة التي يوفرها تبني الطاقة المتجددة مع تعزيز حلول النقل الكهربائي، ما يوفر أثرا مزدوجا هو خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

اعتبارات في التصنيع ونهاية العمر الافتراضي

حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، في حين أن مرحلة إنتاج السيارات الكهربائية، وخاصة مرحلة تصنيع البطاريات، تنتج كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بإنتاج السيارات التقليدية، فإن الانبعاثات الإجمالية تظل مناسبة في حالة السيارات الكهربائية. 

وتستخدم بطاريات السيارات الكثير من المواد الكيميائية، كالمعادن الأرضية النادرة، التي تُنتج في استخراجها وإنتاجها وشحنها انبعاثات. وهناك سباق بين شركات السيارات على تحسين كفاءة البطارياتباستخدام عناصر بديلة. لكن في الوضع الحالي، غالبية البطاريات المستخدمة هي بطاريات الليثيوم أيون التي تعتمد على المعادن الأرضية النادرة.  

وتتطور تقنيات إعادة تدوير البطاريات وممارسات سلاسل التوريد بما يخفض الآثار البيئية المرتبطة بتصنيع السيارات الكهربائية.

كما أن إعادة تدوير السيارات الكهربائية يُعزز من استدامتها. فقد أعلن عدد من شركات السيارات اليابانية مؤخرا رغبتها في استخدام البلاستيك وإعادة تدوير السيارات بشكل أكبر. ومع تزايد زخم الاقتصاد الدائري، يمكن للمبادرات التي تركز على إعادة تدوير البطاريات وبقية محتويات السيارة، خفض الآثار البيئية لإعادة تدوير السيارات الكهربائية بعد عمرها الافتراضي.

تدهور الطرق نتيجة تسيير السيارات الكهربائية قد يصبح أحد التحديات الجديدة في المستقبل، وهو موضوع لم يحظ بالتركيز الكافي في دراسات الانبعاثات حتى الآن.

تدهور الطرق

تعتبر السيارات الكهربائية أثقل وزنا من السيارات التقليدية بسبب وزن البطارية.  

أي أن السيارة الكهربائية تحتاج مكونات ذات مواصفات أعلى، وخاصة المكابح والأقراص لإيقاف السيارة، لأنها تسير بزخم أعلى. هذا يعني ضرورة استعمال مواصفات أعلى، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار عند تقييم الانبعاثات خلال دورة حياة السيارة.

ومع زيادة وزن السيارة نحتاج إلى زيادة القوة الدافعة لتسييرها؛ ما قد يؤدي إلى سرعة تآكل الطرق وتلفها، ويتطلب المزيد من الصيانات باستخدام مواد مثل البيتومين وهي منتجات غير صديقة للبيئة.

ولا توجد دراسات نهائية في هذا المجال حتى الآن، لكن دراسة أجراها مختبر أبحاث النقل في المملكة المتحدة أشارت إلى أن تأثير السيارات الكهربائية على البنية التحتية للطرق قد يكون منخفضا في الأمد القريب، ويزداد مع انتشار موديلات السيارات الكهربائية الأثقل في السوق.

وخلصت دراسة أجريت في الولايات المتحدة إلى أن العامل الأهم الذي يساهم في تلف الطرق هو حمل المحور، أي الوزن المُسلّط على كل محور في السيارة. وحسب للجمعية الأمريكية لمسؤولي الطرق السريعة والنقل (AASHTO)، فإن الضرر الذي يلحق بالطرق يزداد بشكل كبير تبعا للوزن المُسلّط على كل محور. وكلما زاد وزن السيارة، زاد الضرر مع الوقت.

لذا، قد يكون هذا مصدر قلق ولا يتم أخذه في الاعتبار عند تقييم دورة حياة السيارة.

وعلى ما سبق، إن افترضنا دقة بيانات وكالة الطاقة الدولية وشركات السيارات الكهربائية (متجاهلين نظريات المؤامرة!)، تصبح قضية الأثر البيئي واضحة. ومع زيادة التركيز على خفض الانبعاثات في مرحلة التصنيع وسلاسل التوريد، سوف تظهر المزيد من المزايا للسيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات التقليدية في السنوات القليلة المقبلة.

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

أحدث مقاطع الفيديو

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شاهد اللقاء الصحفي مع السيد حسن نرجس المدير العام لمجموعة الفطيم – الموزع الحصري لسيارات “بي واي دي” في الإمارات. أجرينا اللقاء على هامش افتتاح أحدث صالات عرض "بي واي دي" في شارع الشيخ زايد في دبي.

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سجلت سيارة "أسبارك آول" SP600، وهي سيارة يابانية خارقة تعمل بالبطاريات، رقما قياسيا عالميا جديدا لأعلى سرعة مسجلة لسيارة كهربائية على الطرق، حيث وصلت سرعتها إلى 438.73 كم/ساعة في حلبة اختبار السيارات بابينبورج في ألمانيا.

8 سبتمبر, 2024