خطة تويوتا الطموحة للاستدامة البيئية

بين عمالقة السيارات الدوليين، تظل شركة تويوتا إمبراطورية عملاقة مترامية الأطراف تخضع لها 569 شركة تابعة وتوظف 375 ألف موظف في أصقاع العالم.

ورغم شراسة المنافسة، تحتفظ تويوتا بتاج أكبر شركة صانعة للسيارات في العالم – وتسوّق سياراتها تحت علامات تجارية مثل دايهاتسو وهينو ولكزس وتويوتا. وتتوقع تويوتا بيع 8.8 مليون سيارة عام 2023، بتقدم واضح على أقرب المنافسين فولكس فاجن وهيونداي وكيا. وتأسست تويوتا قبل 88 عاما واحتفلت مؤخرا بإنتاج السيارة رقم 300 مليون.

تدور فلسفة تويوتا، المتجذرة في الثقافة اليابانية، حول بناء توازن متناغم بين الحضور العالمي والالتزام بالمسؤولية المجتمعية. وتقول الشركة إن مهمتها الإستراتيجية هي إنتاج السعادة للجميع وإن رؤيتها تتمثل في إهداء القدرة على الحركة للجميع، وهي رؤية وضعها مؤسس الشركة ساكيتشي تويودا. وتؤكد هذه المبادئ على الالتزام بالمهمة والابتكار وعملية الأداء ودفء بيئة العمل والاحترام العميق للأمور الروحانية.

وحين ننظر إلى عقيدة الشركة، قد لا نستغرب أن تتخذ تويوتا نهجا جديا في مسألة تغير المناخ. فالشركة بحجمها وتاريخها، لا تستطيع التهرب من كونها مُساهما رئيسيا في نشر ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

وفي عام 2022، أنتجت الشركة 575.73 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون – ما يوازي انبعاثات أستراليا السنوية و1% من جميع الانبعاثات العالمية وفقا لقاعدة بيانات الانبعاثات لأبحاث الغلاف الجوي العالمية (EDGAR). مع العلم بأن الانبعاثات الناتجة عن العمليات التشغيلية لدى شركة تويوتا هي أقل من 1% من هذا الرقم (5.24 مليون طن)، لكن غالبية الانبعاثات المنسوبة للشركة ناتجة عن تسيير السيارات التي تنتجها الشركة.

ما خطة تويوتا إذا؟

في مواجهة الحاجة الملحة للاستدامة البيئية، وضعت تويوتا هدفا جريئا هو تحقيق الحياد الكربوني عام 2050. وهو طموح يتوافق مع التركيز العالمي المتزايد على خفض انبعاثات الكربون ومكافحة تغير المناخ. 

وأعلنت الشركة في عام 2015 حين وضعت هذا المستهدف البيئي عن ست مبادرات رئيسية لتحقيقه:

  • خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السيارات الجديدة: تهدف تويوتا إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات الجديدة بنسبة 90% بحلول عام 2050.
  • صفرية الانبعاثات خلال دورة حياة السيارات: تستهدف الشركة انبعاثات صفرية طوال دورة حياة سياراتها.
  • صفرية الانبعاثات من مصانع الشركة: تعمل تويوتا على كبح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصانعها والتركيز على استخدام الطاقة المتجددة.
  • تقليل وتحسين استهلاك المياه: تسعى تويوتا لتقليل وتحسين استخدام المياه في عملياتها عن طريق استثمار مياه الأمطار وتنقية الصرف الصحي.
  • تأسيس مجتمع وأنظمة لإعادة التدوير: تركز الشركة على إنشاء أنظمة تُولي إعادة التدوير. أي صنع مزيد من السيارات الجديدة من السيارات القديمة.
  • تأسيس مجتمع مستقبلي متناغم مع الطبيعة: تعمل تويوتا على بناء مجتمع متعايش بانسجام مع الطبيعة، مثل نشر الغابات حول مصانعها، والدخول في شراكات لحماية البيئة، ورعاية المبادرات التعليمية للشباب.

ستكون سلسلة BZ جزءا مهما من تشكيلة تويوتا من السيارات الكهربائية.

ومن الأمور الجوهرية في استراتيجية تويوتا استخدام الوقود المحايد للكربون كالوقود الاصطناعي والوقود الإلكتروني والوقود الحيوي والهيدروجين، فضلا عن التوسع في إنتاج السيارات الكهربائية. وتضم سيارات تويوتا الكهربائية مزيجا من السيارات الكهربائية بالكامل (BEVs) والسيارات الكهربائية الهجين (PHEVs) والسيارات الهجين.

وحققت الشركة تقدما كبيرا في مجال السيارات الكهربائية، حيث باعت 23.15 مليون سيارة حتى 31 مارس 2023، لتتجه نحو هدف بيع 30 مليون سيارة كهربائية على الأقل بحلول 2025. وأدت هذه الجهود إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 176 مليون طن. 

وبحلول عام 2030، تخطط تويوتا لإنتاج 3.5 مليون سيارة كهربائية سنويا، نسبة كبيرة منها على منصة جديدة للسيارات الكهربائية بالكامل (BEV). يتضمن هذا المشروع إطلاق السيارة لكزس RZ450e، وسلسلة bZ، وإنشاء مؤسسة خاصة لتطوير السيارات الكهربائية بالبطارية.

ورغم إطلاق تويوتا أول سيارة كهربائية هجين، هي بريوس الشهيرة منذ عام 1997، واجهت الشركة انتقادات بسبب بطء التحول إلى الكهرباء، وكان أكيو تويودا الذي ترك منصبه كرئيس تنفيذي هذا العام من كبار المشككين في السيارات الكهربائية. 

مع ذلك، نتوقع أن يزداد تركيز الشركة على السيارات الكهربائية تحت إشراف الرئيس التنفيذي الجديد كوجي ساتو، إذ تستثمر الشركة بكثافة في تكنولوجيا البطاريات لتخطي المنافسين. وتوفر خارطة طريق البطارية الجديدة إمكانية قيادة أكثر من 800 كيلومتر وزمن شحن سريع 20 دقيقة أو أقل للوصول بالبطارية من شحن 10% إلى 80% باستخدام شاحن سريع يعمل بالتيار المستمر. وسيتم توفير ذلك بواسطة بطارية ليثيوم أيون عالية الأداء في سيارات تويوتا الكهربائية بالكامل بداية من عام 2026.

تم إطلاق السيارة تويوتا بريوس الأصلية في اليابان عام 1997، كأول سيارة هجين يتم إنتاجها بكميات تجارية في العالم.

وتظل تويوتا ملتزمة بتكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين. وفي بيان للشركة مؤخرا، أكد ساتو على الحاجة إلى "سلسلة توريد لإنتاج ونقل" الهيدروجين، مشيرا إلى أنه بدون هذه التطورات، لا يمكن "زيادة حجم" استخدام الطاقة. وتعمل تويوتا حاليا على الجيل الثاني من سيارة ميراي سيدان التي تعمل بالهيدروجين، وتأمل أن تكون خيارا جاذبا للعملاء. وترى الشركة إمكانات كبيرة في تكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين. وهذا ما يميز تويوتا عن معظم المنافسين، الذين ألقوا بثقلهم خلف السيارات الكهربائية بالكامل.

مع ذلك رحلة تويوتا الكهربائية لا تخلو من التحديات. ومن العقبات الرئيسية التي تواجه الشركة، نشر بنية تحتية قوية لشحن السيارات وخفض تكاليف إنتاج السيارات الكهربائية وتحقيق الاستدامة على طول سلاسل التوريد. 

ولمعالجة هذه التحديات، تستثمر تويوتا في الشراكات والبحث والتطوير؛ وتركز على تطوير تكنولوجيا البطاريات، والتعاون مع الموردين في مبادرات الاستدامة، وتطوير شبكات الشحن.

وقد يبدو عام 2050 بعيدا من هنا، ومن السهل انتقاد الشركة بسبب تأجيل رحلة الحياد الكربوني حتى هذا العام. لكن تغيير قبلة شركة في ضخامة تويوتا ليس أمرا يسيرا يتم بين عشية وضحاها. لذا من المهم تقدير ما حققته تويوتا من تقدم، وتقدير ما تظهره من طموح مستقبلي.

في ساحة النقل الكهربائي في دبي فستيفال سيتي، حاورت الصحفية بريتي مالك السيد سعد عبد الله مدير عام التسويق في شركة تويوتا في الإمارات، والسيد رياض رحيمان من مجموعة الفطيم وتحدثا عن إستراتيجية الاستدامة لدى تويوتا وأشارا إلى موديلين من السيارات الكهربائية الهجين هما تويوتا كراون وتويوتا إنوفا. تركز تويوتا على رفع مستوى الوعي العام حول الاستدامة حيث أن مجموعة الفطيم هي الشريك الاستراتيجي للتنقل الإلكتروني في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

"بي إم دبليو" تتقدم في سوق السيارات الكهربائية بينما يتعثر المنافسون

"بي إم دبليو" تتقدم في سوق السيارات الكهربائية بينما يتعثر المنافسون

شركة "بي إم دبليو" تتفوق في مبيعات السيارات الكهربائية، بنمو 22% في الربع الثاني من هذا العام، تاركة المنافسين في الخلف. وتواجه بورشه وآودي ومرسيدس-بنز تحديات بسبب تراجع مبيعات السيارات الكهربائية.

أحدث مقاطع الفيديو

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سجلت سيارة "أسبارك آول" SP600، وهي سيارة يابانية خارقة تعمل بالبطاريات، رقما قياسيا عالميا جديدا لأعلى سرعة مسجلة لسيارة كهربائية على الطرق، حيث وصلت سرعتها إلى 438.73 كم/ساعة في حلبة اختبار السيارات بابينبورج في ألمانيا.

30 نوفمبر, 2023