أعلنت دولة الإمارات خططا طموحة لتصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050 وتكثف جهودها نحو هذا الهدف.
الإمارات هي أول دولة في الشرق الأوسط تأخذ على عاتقها هذا الالتزام. وانضمت الإمارات إلى ميثاق الحياد المناخي، وأعلنت بوصفها الدولة المضيفة لقمة المناخ COP28 أن عام 2023 سيكون عام الاستدامة البيئية.
وتعد دولة الإمارات واحدة من الدول القليلة التي قدمت مساهمة محددة وطنيا لدعم أهداف خفض الانبعاثات أمام قمة المناخ 2022 التي أقيمت في مصر.
ويعتبر إجمالي انبعاثات الكربون في دولة الإمارات صغيرا نسبيا مقارنة بدول أخرى. وفي عام 2022، جاءت الإمارات في المركز 46 عالميا من حيث إجمالي انبعاثات الكربون. مع ذلك، فإن انبعاثات الفرد الواحد أعلى بكثير من دول نظيرة، ما يضعها في المركز 11 على مستوى العالم من حيث إسهام الفرد في الانبعاثات الكربونية.
وتتماشى المبادرة الإستراتيجية للحياد الكربوني 2050 التي أطلقتها حكومة الإمارات مع اتفاق باريس، الذي يدعو الدول إلى إعداد إستراتيجيات طويلة الأجل لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ووقف ارتفاع الحرارة الأرض عند 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ولا يعتبر الحياد الكربوني مهمة مستحيلة لدولة الإمارات، لكن يحتاج استثمارات كبيرة وتركيزا حادا على التحول للطاقة النظيفة.
وتقود وزارة التغير المناخي والبيئة إستراتيجيات الحياد الكربوني وتشمل جهودها تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتحول عن الوقود الأحفوري. وبحلول عام 2030، تهدف الإمارات إلى توليد 50٪ من الكهرباء من مصادر نظيفة والتزمت باستثمار 600 مليار دولار في الطاقة النظيفة خلال ثلاثة عقود.
وتسعى الإمارات لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة في جميع قطاعات الاقتصاد. هذا ستشمل تدابير مثل تحسين عزل المباني وتعزيز استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة. وفي بلد خليجي يحتاج الناس فيه إلى تكييف الهواء معظم فترات العام، قد يكون هذا تحديا كبيرا.
ويعد تصفير الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل مجالا مهما أيضا، وهنا تأتي أهمية تبني السيارات الكهربائية والسيارات منخفضة الانبعاثات. وبينما لا يزال الإقبال على السيارات الكهربائية في الإمارات متأخرا مقارنة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، يتوقع الخبراء أن يزيد الإقبال على السيارات الكهربائية خلال سنوات قليلة من الآن.
وتعتبر الانبعاثات الصناعية مساهما كبيرا في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتهدف الإمارات إلى خفض انبعاثات الأنشطة الصناعية باستخدام تدابير متنوعة مثل تحسين كفاءة الطاقة بالمصانع وتبني العمليات الإنتاجية الصديقة للبيئة.
وتعتبر الانبعاثات الصناعية مساهما كبيرا في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتهدف الإمارات إلى خفض انبعاثات الأنشطة الصناعية باستخدام تدابير متنوعة مثل تحسين كفاءة الطاقة بالمصانع وتبني العمليات الإنتاجية الصديقة للبيئة. ويعد مجال التركيز الأخير للإستراتيجية هو حماية الغابات والنظم البيئية التي تلعب دورا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون. وفي هذا المحور، تستهدف الحكومة الإماراتية تطبيق برنامج متنوع الأنشطة للحفاظ على مستنقعات القرم وخفض النفايات البلاستيكية. وهناك نحو 50 محمية طبيعية في الإمارات تستهدف حماية التنوع البيولوجي.
ولهدف الحياد الكربوني فوائد اقتصادية أيضا لدولة الإمارات. فسوف يؤدي إلى خلق فرص العمل ودعم النمو الاقتصادي. فقطاع الطاقة النظيفة سيخلق وحده 250 ألف وظيفة جديدة عام 2030، وسوف يجذب هذا التوجه الاستثمارات لدولة الإمارات من أنحاء العالم.
ورغم هذه الحزمة من السياسات والإجراءات، لا تزال لدى دولة الإمارات خطط لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، وهو ما يتعارض مع المستهدفات الدولية لوقف احترار الأرض. وطبقا لمنظمة كلايمت آكشن تراكر Climate Action Tracker، وهي جهة دولية تركز على تقييم التقدم الذي تحرزه البلاد في تحقيق المستهدفات المناخية، فإن أهداف وسياسات دولة الإمارات "غير كافية إلى حد كبير". وترى المنظمة أن "دولة الإمارات تحتاج لمضاعفة الجهد لإنجاز تعهداتها، وتنفيذ سياسات إضافية والتأكيد على خفض الانبعاثات بحلول عام 2030 لبلوغ المستهدفات المحددة وطنيا. وطبقا لتقديرات "كلايمت آكشن تراكر" فإن انبعاثات دولة الإمارات ستزداد بنسبة 30-35٪ عام 2030 مقابل مستويات 2010.
يشهد هذا العام تركيزا غير مسبوق على العمل المناخي في دولة الإمارات، يرجع الفضل في ذلك جزئيا نتيجة لقمة المناخ المقررة في ديسمبر 2023، والتي ستكون منصة مميزة لإلقاء الضوء على جهود التحول المنجزة في الشرق الأوسط. ورغم أن الإرادة السياسية للتصدي للتغير المناخي أصبحت واضحة، لا يزال تنفيذ السياسات والإجراءات يحتاج لمزيد من الجرأة والجهد. وسيظل التحدي قائما حتى تتخذ الحكومة والشركات والأفراد خطوات أبعد وأسرع لتنفيذ عمل حقيقي ومستدام.