من المقرر انعقاد أكبر قمة للمناخ في العالم في الإمارات العربية المتحدة خلال أقل من خمسة أشهر. واستضافة الإمارات لقمة COP28 هي لحظة مهمة في مسيرة مكافحة تغير المناخ. وهناك مخاوف من أن تتحول القمة إلى مناسبة لاستعراض وجهات النظر دون انعكاس عملي. لكن في كل الأحوال انعقاد القمة يُشجع على تنشيط مبادرات التصدي للتغير المناخي. وفي السطور التالية، نُلقي نظرة على مجموعة من الخطط البارزة في مجال التصدي للتغير المناخي التي أُعلنت مؤخرا.
دعوة إلى تحركات أكثر جدية
حث الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، الرئيس المعين لمؤتمر COP28 في وقت سابق من هذا الشهر، دول العالم على الاعتراف بأنها لم تحقق بعدُ مستهدفات تغير المناخ التي تعهدت بها سابقاً ودعا دول العالم إلى اعتماد خطة للتحرك في المسار الصحيح في الفترة القادمة.
وفي كلمة ألقاها في بروكسل، أعلن الجابر أن قمة المناخ (COP28) يجب أن تضمن الالتزام الدولي بمضاعفة تبني الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أمثال المستويات الحالية، ومضاعفة وفورات الطاقة وإنتاج الهيدروجين بحلول عام 2030.
ودعا الجابر إلى تضافر الجهود في هذا الإطار قائلا: "التحدي أن يعمل الجميع في تضامن وأن يضعوا الخلافات جانبا ويضعوا مصلحة الإنسانية في المقام الأول. هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق تقدم عملي نوعي لخدمة المناخ واقتصاداتنا وشعوبنا ".
وحث الجابر الحكومات على التوقيع على "تعهد التبريد العالمي" الهادف إلى توسيع نطاق خفض درجات الحرارة لحماية المجتمعات الأكثر عرضة لأضرار التغير المناخي، خاصة دول الجنوب والدول الجزرية الصغيرة والبلاد الأقل نمواً.
ومن المتوقع أن تكون قمة المناخ (COP28) في الإمارات أول تقييم رسمي لتقدم البلاد نحو هدف اتفاق باريس للمناخ بخفض درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية. والواضح أن السياسات والتعهدات الحالية لدول العالم لا تكفي لتحقيق هذا الهدف.
التمويل أولا وأخيرا!
يسعى سلطان الجابر إلى الخروج في مؤتمر هذا العام بحلول جدية لواحدة من القضايا الصعبة التي لا تزال مثيرة للجدل: من يسدد فاتورة "الخسائر والأضرار" لتعويض البلاد الفقيرة التي ستتأثر بتغير المناخ. فقد وافقت الدول الغنية على جمع الأموال، لكنها فشلت في إنجاز ذلك حتى الآن.
هذه ليست القضية المالية الوحيدة. فلأجل سداد فاتورة التحول "العادل" للحلول الصديقة للبيئة، يحتاج النظام المالي العالمي إعادة التمركز لتمكين مستقبل ذي انبعاثات كربونية أقل. وسيكون تمويل هذا التحول الكبير أحد الموضوعات الرئيسية الأربعة للقمة.
وسوف تركز جهود حضور المؤتمر على دعم العمل الجماعي لإصلاح "الهيكل المالي" الدولي بما يحقق أهداف اتفاق باريس.
وتتجه الأنظار إلى القطاع الخاص بوصفه طرفا منوط به لعب دور كبير في التحول إلى عالم منخفض الانبعاثات الكربونية، حيث يقود تمويل المبادرات والتقنيات التي تزيل الكربون من كل تطبيقات الحياة. وستكون مبادرات مثل إصدار السندات الخضراء لتمكين الشركات من زيادة رأس المال للاستثمارات منخفضة الكربون أحد الحلول المفتاحية.
ويترأس سلطان الجابر، إلى جانب دوره في قمة المناخ، شركة "مصدر" الإماراتية للطاقة النظيفة وشركة "أدنوك" الإماراتية، وهو دور أثار بعض الجدل على المستوى الدولي. وقد أكملت شركة "مصدر" مؤخراً إصدار سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار هي الأولى من نوعها للشركة، وتعتبر الشريحة الأولى من برنامج سندات قيمته 3 مليارات دولار. وقد تمت تغطية الاكتتاب خمس مرات، وهو مؤشر قوي على ارتفاع شهية المستثمرين لمثل هذه الإصدارات.
ما دور الشركات الإماراتية؟
حددت دولة الإمارات 2050 عاما مستهدفا لتحقيق الحياد الكربوني. واستضافة قمة المناخ هذا العام تضع الدولة في مركز الصدارة، وتعد استجابة للاهتمام المتزايد بقضايا المناخ من خلال طرح المبادرات وتشجيع الالتزامات المناخية.
وهناك تشجيع للشركات الإماراتية على الانضمام إلى حملات دولية مثل "سباق الحياد الكربوني" (The Race to Zero) و"سباق المثابرة والمرونة" (Race to Resilience).
وفي فعالية إعلامية لتسويق إطلاق حملة "الطريق إلى مؤتمر الأطراف"، قالت رزان خليفة المبارك - رئيسة الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) : "أود تقريب السباق إلى المنطقة. الآن ليس هناك تمثيل أو مشاركة كافية من المنطقة. أريد أن أعرف لماذا يمتنعون عن المشاركة".
وأضافت رزان أن من أولوياتها إنشاء مركز لبناء القدرات في الإمارات: "أريد إنشاء مركز لتغير المناخ لتوفير المعلومات وللتدريب والتأكد من أن لدينا موظفينا في كل القطاعات لديهم المهارات المناسبة".
وتحدثت منى العمودي، مديرة إدارة التغير المناخي في وزارة التغير المناخي والبيئة، في نفس الفعالية، وقدمت تفاصيل عن الخطوات الأخرى التي يمكن للشركات الإماراتية اتخاذها؛ وتشمل التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، واستخدام بدائل صديقة للبيئة، وخفض النفايات، وتعزيز كفاءة الطاقة في جميع القطاعات.
وكشفت العمودي النقاب عن الحوار الوطني حول الطموح المناخي (NDCA)، وهي مبادرة تشرف عليها الحكومة الإماراتية وتركز على القطاعات الرئيسية كقطاع الأسمنت والطاقة والنقل والتصنيع والنفايات وغيرها.
وروجت العمودي لفكرة توقيع المشاركين على تعهد الشركات المسؤولة عن المناخ في الإمارات لمساعدة الدولة في الوصول إلى الحياد الكربوني عام 2050. وحثت العمودي الشركات على التعهد بمتابعة انبعاثات الاحتباس الحراري والإفصاح عنها، ودمج مستهدفات مواجهة تغير المناخ في استراتيجيات الأعمال الأساسية، وتشجيع الأطراف ذات العلاقة على المشاركة في الإجراءات المناخية، والتفاعل مع القطاعات المجتمعية لصياغة إستراتيجيات الحياد الكربوني.
وقد حظيت قمة المناخ بدعم كبير من عدد من المؤسسات الإماراتية من القطاعين غير الربحي والخاص والقطاع الحكومي.
نأخذ من هذه المؤسسات على سبيل المثال مجموعة الفطيم التي وقعت اتفاق شراكة إستراتيجية لثلاث سنوات مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي لتخصيص 360 سيارة كهربائية وهجين لنقل ضيوف المؤتمرات والفعاليات الرئيسية في دبي خلال قمة المناخ وغيرها من فعاليات.
ومن المتوقع تزايد المبادرات السياسية وإعلانات الرعاية والالتزامات خلال الأسابيع والأشهر القادمة. لكن دعونا نتمنى أيضا حدوث تقدم جوهري في مجال الإجراءات العملية.