خطط شركة بولستار للتخلص من انبعاثات الكربون إلى الأبد

من المقرر أن يكون شيء سويدي ساخنا جدا هذا العام المقبل. وهي ليست كرات اللحم من آيكيا. كل الدلائل تشي بأن شركة السيارات الكهربائية السويدية "بولستار" تستعد لأن تصبح قوة رئيسية في عالم السيارات الكهربائية.

في حديثه أمام ضيوف مؤتمر للشركة في دبي في بداية مؤتمر المناخ (كوب 28)، وصف الرئيس التنفيذي لشركة بولستار - السيد توماس إنجنلاث، جوهر العلامة التجارية لشركته بأنها "تجسد الأداء النقي والمتطلع إلى المستقبل".  

ربما ينطبق الوصف نفسه على الرجل ذاته؛ فقد ارتدى إنجنلات بدلة كريمي اللون وقميص أنيق في لون الخردل، وظهر أنيقا مثل سيارة بولستار 3 التي عرضها في المعرض الأنيق للشركة في السركال آفينيو في دبي؛ حيث التقى لفيف من الفنانين وصناع التغيير والمهتمين بالمناخ في "ملتقى الوعي بأهمية التنمية المستدامة والابتكار الثقافي" خلال فعاليات مؤتمر كوب 28.  

وتعكس سيارات بولستار الاهتمام العميق بالتفاصيل في كل جوانب العلامة التجارية التي تسعى لإنتاج أفضل السيارات وأكثرها استدامة.

توماس إنجنلاث، الرئيس التنفيذي لشركة بولستار يشرح رؤيته للعلامة التجارية في مؤتمر في دبي على هامش قمة المناخ )كوب 28).

ويضع المدير التنفيذي للشركة سياراته” في نفس فئة السيارات الحصرية مثل بورش"، حين يقول: "فكّر في التفرد باعتباره ترفا دون الشعور بالذنب"، موضحا أنه شخصيا يشارك في تصميم كل سيارة بنفسه. 

ويبلغ إنجنلاث من العمر 59 عاما، هو مواطن ألماني، وليس سويديا. ويتمتع بمسيرة مهنية حافلة في مجال السيارات بعد حصوله على درجة الماجستير في تصميم السيارات من الكلية الملكية للفنون المرموقة في لندن. وبدأ العمل في مجموعة فولكس فاجن، وساهم في شركة أودي وأصبح المصمم الخارجي الرئيسي لدى فولكس فاجن. وفي عام 2000، تم تعيينه كبير مصممين في سكودا، ثم مديرا للتصميم في مركز تصميم فولكس فاجن في بوتسدام عام 2006. 

وانضم إنجنلاث إلى فولفو عام 2012 كرئيس للتصميم ولعب دورا رئيسيا في إعادة صياغة العلامة التجارية بإدخال أساليب التصميم الحديث. وأصبح الرئيس التنفيذي لشركة “بولستار” عام 2017.

أول سيارة بولستار 4 تخرج من خط الإنتاج في الصين؛ إذ تستعد الشركة لزيادة محفظة سياراتها. الصورة من بولستار.

شركة بولستار

يقع مقر “بولستار” في جوتنبرج بالسويد، وهي مشروع مشترك بين شركة "جيلي" الصينية وفولفو – عملاق السيارات السويدي. تم طرح أسهم الشركة للاكتتاب في بورصة ناسداك الأمريكية في يونيو 2022. وتستهدف “بولستار” في المقام الأول الشريحة العليا من سوق السيارات الكهربائية الدولية. 

وقد نجحت الشركة في تحقيق معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 85% في إيراداتها، لكنها اضطرت “بولستار” مؤخرا إلى إعادة ضبط توقعاتها بسبب صعوبة ظروف السوق. 

وأعلنت الشركة، التي تنشط في 27 سوقا حول العالم منها الإمارات، خفض توقعات تسليم السيارات الجديدة لعام 2023 إلى نحو 60 ألف سيارة، من الهدف الأولي البالغ 80 ألف سيارة. 

وعدلت بولستار مستهدف هامش الربح الإجمالي لعام 2023، حيث خفضته إلى النصف عند 2٪ بدلا من 4%. 

مع ذلك، تلقت بولستار دفعة تمويلية إضافية بقيمة 450 مليون دولار في نوفمبر من الشريكين - جيلي وفولفو، ما وفر دعما حاسما لتمويل خطط النمو المستمر للعلامة التجارية.

سيارة بولستار 3 أثناء اختبار الطقس الحار في الإمارات. من المتوقع أن تكتسب السيارة شعبية كبيرة بين سيارات الدفع الرباعي في الإمارات، بفضل التركيز على الاستدامة.

هذه الأرقام قد ترسم صورة غير مشرقة للشركة، لكن لا ننسى أن محفظة “بولستار” ما زالت محدودة وتحتوي على سيارة السيدان الرياضية الكهربائية “بولستار 2” فقط – وهي السيارة الوحيدة التي تنتجها الشركة بكميات تجارية.  

وتحتاج الشركة فترة طويلة وموارد وافرة لإنشاء شركة عالمية رائدة في مجال السيارات. ما عليك سوى أن تسأل شركة "لوسيد" (Lucid)، التي يبدو أنها تدعم كل سيارة تنتجها بنحو 340 ألف دولار أمريكي.

مع ذلك، سوف تُطلق شركة بولستار موديلات سيارات فائقة الجودة في العامين المقبلين، والتي ستشهد نموا ملحوظا في أرقام المبيعات ومعدلات الإنتاج. وتتبع الشركة استراتيجية الاستدامة التي لا تستهدف خفض التكاليف وحسب، وإنما بناء علامة تجارية رائدة على مستوى الصناعة الدولية.  

وتراهن الشركة على الجودة الفائقة لسياراتها وعمق الاستدامة البيئية للوصول إلى المشتري الثري في الأسواق المستهدفة.

التزام تام بالاستدامة

تعمل شركة “بولستار” على مراعاة الاستدامة في كل تفصيلة من أعمالها وفي كل غرزة من أغطية مقاعد سياراتها المستدامة. 

وباعتبارها علامة تجارية للسيارات الكهربائية فقط، يتضح أن سيارات بولستار أكثر "استدامة" في جوهرها من السيارات التقليدية. وفي غياب انبعاثات أنبوب العادم، فإن إنتاج السيارات الكهربائية ليس خاليا من التلوث بأي حال من الأحوال.

هذا هو ما تسعى “بولستار” لمعالجته. ولدى الشركة أهداف طموحة لإنتاج سيارات محايدة تماما من حيث الانبعاثات عام 2030.

مشروع "بولستار زيرو” هو مبادرة طموحة، تختلف عن الأساليب التقليدية في استهداف الحياد الكربوني بموازنة الانبعاثات بزراعة الأشجار والاستثمار في الطاقة المتجددة. لكن “بولستار” تهدف إلى منع أي انبعاثات في عملياتها الإنتاجية وسلاسل التوريد بالكامل.

هذا يعني معالجة الانبعاثات وخفضها في كل مرحلة، بداية من استخراج المواد الخام وانتهاء بتصنيع السيارات، وحتى الطاقة المستخدمة في الإنتاج. الهدف إذا هو إنشاء سيارة بلا أثر على المناخ من البداية ودون التخفي وراء الآليات التعويضية.

ويتطلب هذا النهج ابتكارا غير مسبوق في كل مراحل العملية الإنتاجية، ويتطلب تعاونا وثيقا مع الموردين والشركاء لإيجاد طرق جديدة ومستدامة لإنتاج قطع غيار السيارات وتجميع السيارات.

يُظهر الموديل (الموضح في الصورة)، المعروض في جناح الفطيم في مؤتمر كوب 28، حجم التحدي. تمثل كل كتلة نسبة البصمة الكربونية لإنتاج كل سيارة “بولستار 4” . أعلى بصمة كربونية هي وحدات البطارية وتمثل 35.2%، وصولا إلى المكونات ذات البصمة الكربونية الأقل مثل سوائل سيارة بنسبة 0.7% فقط. رغم أن سيارة “بولستار 4” هي الأقل إنتاجا لانبعاثات الكربون في سيارات الشركة، لكن هدف الشركة تصفير الانبعاثات بالكامل.

وتهدف الشركة إلى بلوغ الحياد الكربوني عام 2040؛ أي القضاء على جميع انبعاثات الغازات الدفيئة في مختلف عمليات الشركة وطوال دورة حياة السيارات.

سيارات بولستار

كما أسلفنا، سيارة بولستار 2 هي الطراز الوحيد الذي تسوّقه الشركة على نطاق واسع حاليا. لكن السنوات المقبلة ستشهد إطلاق أربعة موديلات جديدة، تحمل أسماء بسيطة بالتسلسل الرقمي من 3 إلى 6.

بولستار 3

ستخرج إلى الأسواق قريبا بولستار 3 وهي سيارة دفع رباعي كهربائية أنيقة عالية الأداء؛ تتميز بتصميم أنيق وأداء قوي ومدى طويل، ما يجعلها خيارا مقنعا للباحثين عن تجربة قيادة مدهشة وصديقة للبيئة.

تتميز السيارة بتصميم فاخر (ربما تأثرت كثيرا بالسيد إنجلاث نفسه؟) مع التركيز على كفاءة ديناميكية الهواء، ويساهم هيكل السيارة الأنيق وعناصر التوجيه الهوائية في تحقيق نطاق مدهش يبلغ 609 كيلومترات.

وتماشيا مع التزام شركة بولستار بالاستدامة، تم تصنيع سيارة بولستار 3 من مواد مُعاد تدويرها ما أمكن ذلك. فتم استخدام مواد بلاستيكية مُعاد تدويرها ومواد متجددة مثل المركبات القائمة على الكتان وقشر التفاح في تصنيع المقصورة الداخلية.

تم تصميم المقصورة الداخلية لسيارة بولستار 3 بشكل جمالي رائع وباستخدام مواد مستدامة.

ومن حيث الأداء، تتميز سيارة بولستار 3 بمجموعة نقل حركة ذات محرك مزدوج. وتنتج في الموديل القياسي 358 كيلووات و847 نيوتن متر من عزم الدوران فتتساع السيارة من 0 إلى 100 كم في 4.2 ثانية فقط. ولمن يبحث عن قوة أكبر، هناك حزمة أداء اختيارية تضيف 20 كيلووات و70 نيوتن متر عزم دوران، ما يوفر 0.2 ثانية من وقت التسارع من 0 إلى 100 كم/ساعة.

وتم تجهيز السيارة بميزات تكنولوجيا فائقة، مثل كمبيوتر نيفيدا درايف الذي يعمل بمثابة "عقل ذكاء اصطناعي" لمعالجة البيانات القادمة من أجهزة الاستشعار العديدة في السيارة. ويتيح هذا النظام المتقدم ميزات مثل نظام تثبيت السرعة التكيفي، والتحذير من الخروج عن المسار، ومراقبة النقاط العمياء.

سيارة بولستار 4

بولستار 4 ستخرج للنور في عام 2024، وهي سيارة كروس أوفر كوبيه ذات صفين مع خيار الدفع الخلفي والدفع الرباعي. ويصل مدى السيارة إلى 379 ميلا ويمكنها التسارع من 0 إلى 60 ميلا في أقل من 4.2 ثانية. وتم تجهيز السيارة بمجموعة مزايا تكنولوجية مثل كمبيوتر نفيدا درايف الجديد.

وتتميز السيارة بتصميم أنيق وديناميكي هوائي مع التركيز على الاستدامة، وتتمتع بأقل بصمة كربونية مقارنة بكل منتجات بولستار وقت إطلاقها. وتم تصنيع الجزء الخارجي من مواد مُعاد تدويرها كلما أمكن ذلك، ويتميز الجزء الداخلي بمواد بلاستيكية مُعاد تدويرها ومواد متجددة مثل المركبات القائمة على الكتان وجلد التفاح.

وفي موديل الدفع الخلفي، يبلغ مدى السيارة نحو 379 ميلا، ومدى موديل الدفع الرباعي 355 ميلا.

وتم الإعلان في مؤتمر “بولستار” الأخير عن أن شركة موبيليا (Mobileye) وشركة لومينار (Luminar) تعملان مع بولستار لإضافة تكنولوجيا "ليدار" (LiDAR) إلى سيارة بولستار 4 لإتاحة آلية القيادة الذاتية (موبيليا شوفير) في المستقبل.

الموديلان - بولستار 5 و6

بولستار 5 هي سيارة سيدان كهربائية ذات سقف منحني ستخرج للأسواق عام 2025، وتسعى لتثوير توقعات الأداء. وتتميز السيارة بقوة 884 حصانا، وتستعد لتجاوز قدرات بورشه تايكان، من حيث القوة والسرعة. وتتميز بطاريتها بقدرة 103 كيلووات في الساعة بمدى يقدر بـ 300 ميل، متفوقة على بورش تايكان أيضا.

ولمن يبحث عن سيارة كهربائية قابلة للتحويل، ستصدر بولستار 6 لأول مرة عام 2026. وسوف تعتمد بولستار 6 على نفس الطراز المعماري ومجموعة نقل الحركة لسيارة بولستار 5، سوف توفر بولستار 6 قوة 884 حصانا. ولم تعلن الشركة بعد قدرات التسارع في السيارة، لكن بولستار 6 قد تصبح واحدة من أسرع السيارات الكهربائية في العالم.  

وفي البداية، أعلنت الشركة تصنيع 500 سيارة فقط، لكن بعد إقبال السوق تفكر الآن في زيادة الإنتاج.

ظهر الموديل الأول لسيارة بولستار 5 لأول مرة عالميا في مهرجان "جود وود" للسرعة في المملكة المتحدة. فيديو من جودوود كليبس على يوتيوب.

ماذا عن بولستار 2؟

للتأكد من أنها تواكب أشقاءها الجدد، ستتم ترقية سيارة بولستار 2 في عام 2024. 

وستحتفظ السيارة بالتصميم الأنيق العصري الذي ظهرت به أول مرة، مع تحديثات فرعية. وتم إعادة تصميم الشبك الأمامي لزيادة الديناميكية الهوائية، وتحديث المصابيح الأمامية بإضاءة ليد جديدة، مع إعادة تصميم الجزء الخلفي بمصابيح خلفية جديدة ومصد معدل.

وتمت ترقية المقصورة الداخلية بشكل كبير باستخدام مواد أرقى وجودة تصميم أفضل. وتم تحديث نظام المعلومات والترفيه إلى شاشة جديدة باللمس مقاس 32 سم، وأصبحت مجموعة العدادات رقمية بالكامل.

شركة بولستار تستعد لتصبح قوة أكثر فعالية في المشهد العالمي للسيارات الكهربائية. من اليسار إلى اليمين، بولستار 2، و بولستار 3، وبولستار 4، وبولستار 5.

استمرارية الإبداع والابتكار

الآن تأكدنا من أن سيارات بولستار تعكس رغبة دائمة في كسر المألوف. هذا يعني أن الشركة تتوخى الابتكار ولا تتنازل عنه، وتستهدف أيضا إزالة انبعاثات الكربون ولا تبرح تعلن عن تطورات وشراكات جديدة. أي أن اللحاق بشركة بولستار مهمة صعبة!

وبالإضافة إلى خطط إطلاق السيارات الجديدة والسعي لبلوغ الحياد الكربوني، يستثمر فريق السيد إنجنلاث بكثافة في التكنولوجيا الحديثة التي ستحدث فارقا كبيرا لملاك السيارات.

فمثلا أعلنت شركة "ستور دوت" (StoreDot)، إحدى شركاء بولستار في مجال تصنيع بطاريات السيارات، إنها تسير على الطريق الصحيح لخفض فترة شحن البطارية إلى ثلاث دقائق في عام 2028 (للسير حتى 160 كيلومترا)، ودقيقتين في عام 2032 – أي نفس سرعة تفويل سيارة البنزين.

وفي مجال تكنولوجيا البطاريات أيضا، وقعت الشركة الأم "جيلي" اتفاقية مع شركة "نيو" (Nio) الصينية لاستخدام تقنية تبديل البطاريات المبتكرة في الصين. أي أن صاحب السيارة يستطيع اصطحاب سيارته إلى أقرب محطة تبديل بطاريات لاستبدال البطارية المستنفدة بأخرى مشحونة. وإن تم تعميم هذه التكنولوجيا وتوفر عدد كاف من محطات الاستبدال، سوف تسهل مهمة أصحاب السيارات.

مثال أخير على الابتكار من بولستار هو مشروع الشركة لربط السيارات بالشبكة الوطنية للكهرباء (V2G) في السويد لربط أسطول كبير من سيارات الدفع الرباعي من بولستار 3، ما يسمح للسيارات بالعمل كمحطة طاقة افتراضية (VPP). ويتيح إعادة الطاقة مرة أخرى إلى الشبكة الوطنية للكهرباء عند الحاجة، ثم إعادة شحن السيارة خارج ساعات الذروة. أي أن أصحاب السيارات يستطيعون كسب المال من إعادة بيع الطاقة للشبكة حين تكون السيارة في وضع التوقف.

وبشكل عام، تعد خطط “بولستار” من أكثر الخطط إثارة وتقدما في الصناعة. ومع الحماس والطاقة الذي نهض به السيد توماس إنجنلاث إلى المسرح للحديث إلى الجمهور في دبي، نتوقع ألا تتباطأ مسيرة بولستار نحو بناء مستقبل مستدام للجميع على

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

أحدث مقاطع الفيديو

7 ديسمبر, 2023