يسعى مؤتمر كوب 28 في دبي إلى إطلاق حقبة جديدة من الاستدامة البيئية – وهو أمر لابد منه إن أردنا استغلال الفرصة لخفض الاحتباس الحراري لكوكب الأرض إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية. لكن هذا المستهدف، المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ الموقع في مؤتمر الأطراف الخامس عشر في عام 2015، لا يواكب التوقعات بشكل كبير. والنتيجة المتوقعة هي زيادة حرارة كوكب الأرض بما بين 2.4 و2.7 درجة مئوية نهاية القرن الحالي. ويحتاج العالم إلى خفض الانبعاثات بنسبة 42% بحلول عام 2030 للوصول إلى عتبة 1.5 درجة مئوية.
ولإزالة انبعاثات الكربون من وسائل النقل العام والنقل الشخصي أهمية بالغة؛ إذ أن السيارات الخاصة والشاحنات الصغيرة وحدها مسؤولة عن أكثر من 25% من الطلب العالمي على النفط وحوالي 10% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة في عام 2022، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وفي هذا السياق، يحتل مستقبل النقل صدارة المواضيع التي يناقشها مؤتمر كوب 28 حيث تم تحديد يوم 6 ديسمبر كيوم عالمي للنقل. وسيجتمع واضعو السياسات والمنظمات غير الحكومية وقادة القطاع الحكومي هذا اليوم لمناقشة أجندة المؤتمر والتوافق على مسارات عملية لخفض انبعاثات قطاع النقل بكل صوره.
ورغم أن إجمالي التقدم المحرز في مجال المناخ لا يزال غير كاف، حققت السيارات الكهربائية نجاحاً واضحاً.
ووفقا لتقرير حالة العمل المناخي الصادر عن معهد الموارد العالمية، يعتبر معدل تبني السيارات الكهربائية هو المؤشر الوحيد من 42 مؤشراً للتقدم المناخي الذي حقق تقدماً إيجابياً. بينما كل المؤشرات الأخرى تقريباً لن تستطيع تحقيق مستهدفاتها بحلول عام 2030. ويذكر التقرير أنه خلال السنوات الخمس الماضية، نمت حصة السيارات الكهربائية في مبيعات سيارات الركاب بمعدل سنوي متوسط قدره 65٪ - ارتفاعا من 1.6٪ من إجمالي مبيعات السيارات. وكانت مبيعات السيارات الكهربائية في عام 2018 هي عُشر مبيعاتها في عام 2022. وبالتالي أصبحت مبيعات السيارات الكهربائية على المسار الصحيح لتحقيق مستهدفات عام 2030.
لكن الرضا الكامل عن أداء السيارات الكهربائية لن يكون واقعياً أيضاً. أشارت دراسة أخرى لشركة "وود ماكنزي" للاستشارات إلى أن عدد السيارات الكهربائية لابد أن يرتفع من 43 مليوناً الآن إلى أكثر من مليار لتحقيق معدلات تحول الطاقة اللازمة للوفاء بمستهدفات اتفاق باريس للمناخ. وتشير التقديرات إلى أن تكلفة هذا التحول الشامل تبلغ 2.7 تريليون دولار أمريكي سنوياً. ولهذا يعتبر التمويل جزءاً أساسياً من جدول أعمال مؤتمر كوب 28!
وفي حديثه خلال فعاليات الحوار العالمي في أبوظبي في شهر أكتوبر، اعتبر الرئيس التنفيذي لمؤتمر الأطراف 28 السيد عدنان أمين أن قطاع النقل المستدام أمر أساسي لنجاح جهود الحفاظ على درجة حرارة الكوكب عند 1.5 درجة مئوية؛ معتبراً أن قطاع النقل يحتاج إلى تسريع وتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية وما يرتبط بذلك من نشر البنية التحتية للشحن في العقود المقبلة. وقال أمين إنه بحلول عام 2050، يجب أن تمثل السيارات الكهربائية 80% من إجمالي أنشطة النقل البري.
صورة تذكارية تجمع رئيس مؤتمر كوب 28 مع صناع القرار في مجال المناخ والوزراء والمؤسسات المالية الدولية وقيادات التمويل البيئي في أبو ظبي لحضور الاجتماع الوزاري الثالث للمناخ والتنمية في الحدث السابق لمؤتمر الأطراف.
لذا فالتحول إلى السيارات الكهربائية يحتاج إلى السياسات والأطر الصحيحة؛ وهو دور الشخصيات المشاركة في فعاليات المنطقة الزرقاء في مؤتمر كوب 28؛ حيث ستتم استضافة المفاوضات الرسمية بحضور رؤساء الدول والحكومات على مدار أسبوعين.
لكن التحول إلى السيارات الكهربائية يتعلق بتشجيع الناس على إحداث هذه النقلة. ويعتبر النقل المستدام موضوعاً ذا أولوية كبيرة في مؤتمر كوب 28 وستلعب السيارات الكهربائية دوراً بارزاً في إطار تنظيم فعالية محايدة كربونياً. delivering a carbon neutral event.
ويقول منظمو المؤتمر إن أكثر من 10,000 سيارة أجرة هجين (متوفرة على تطبيق هلا) و1,000 سيارة كهربائية فاخرة ستكون تحت تصرف حضور المؤتمر. وسيتم استخدام 67 حافلة تعمل بالوقود الحيوي، مدعومة بـ 10 حافلات كهربائية، وأربع محطات في مدينة إكسبو دبي، ضمن خطة شاملة وضعتها هيئة الطرق والمواصلات في دبي لمساعدة الوفود المشاركة في التنقل بسلاسة.
إحدى حافلات نقل الوفود في المؤتمر.
وتوفر مجموعة الفطيم، الشريك الاستراتيجي لمؤتمر كوب 28 للتنقل الكهربائي، 360 مركبة كهربائية تتنوع بين سيارات الركاب وسيارات الدفع الرباعي والحافلات كي يستخدمها 70 ألف ضيف من ضيوف المؤتمر. وقامت مجموعة الفطيم بتركيب محطات شحن كهربائية (Charge2Moov) مباشرة في موقع المؤتمر. وتعد هذه أول رحلة للشراكة الإستراتيجية بين مجموعة الفطيم وهيئة الطرق والمواصلات لدعم الفعاليات الكبرى في دولة الإمارات. كما أنهم يديرون جدولاً كاملاً للفعاليات في المنطقة الخضراء للمؤتمر ومواقع متنوعة في دبي.
وقد تم إعلان شركة بي إم دبليو كمورد لحلول التنقل الكهربائي لكبار الشخصيات وسوف توفر الشركة عدداً من السيارات التي تعمل بالكهرباء والهيدروجين تحت تصرف الضيوف وكبار الشخصيات المشاركة.
وقد أصبحت السيارات الكهربائية ملحوظة بشكل كبير على طرق دبي. وهناك فرص كبيرة أمام المقيمين والزوار في دولة الإمارات لمعرفة كل جديد عن السيارات الكهربائية وتكنولوجيا الكهرباء.
وعلى سبيل المثال، تُدير مجموعة الفطيم سلسلة فعاليات في مركز دبي للتسوق، وسيتم عرض موديلات السيارات الكهربائية من الشركات الرائدة مثل "بي واي دي" وبولستار وفولفو وأحدث موديلات السيارات الهجين من تويوتا ولكزس وهوندا. وتستضيف الشركة جناحاً كبيراً في المنطقة الخضراء في مؤتمر كوب 28 (الدعوة عامة للجميع)، حيث تجري محادثات مع رواد السيارات الكهربائية مثل كبار مديري أقسام الاستدامة في شركة بولستار وفولفو يومي 3 و5 ديسمبر على التوالي. وستكون هناك عروض تقديمية وحلقات نقاش في معظم أيام انعقاد المؤتمر، وسيتم عرض أحدث موديلات السيارات الكهربائية.
ويستضيف تطبيق "بلو أوردز" التابع لمجموعة الفطيم صفحة تتيح لزوار جناح الفطيم تقديم تعهداتهم الشخصية. ومقابل كل تعهد، سوف تقوم المجموعة بزراعة شجرة.
نتأمل أن تتمكن الوفود المشاركة في مفاوضات المنطقة الزرقاء من التوافق على تدابير للحد من الاحتباس الحراري العالمي، مثل سياسات النقل المستدام والالتزام بها. ومن جانب آخر سوف يكون مؤتمر كوب 28 بمثابة صالة عرض كبيرة لمستقبل النقل الكهربائي الرائع.