حث الدكتور سلطان الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP28)، الشركات المنتجة للنفط على الاستعداد للتخفيض التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري، مؤكدا أن ذلك أصبح "ضرورة حتمية".
كانت كلمات الدكتور سلطان الجابر لافتة للنظر بشكل خاص كونه الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك للنفط في أبوظبي، إحدى أكبر شركات النفط في العالم.
وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز مؤخراً، قال الجابر: "لا أريد أن يُنظر إلى صناعة (النفط) على أنها تُعارض الخفض التدريجي (للوقود الأحفوري)". هذا (الخفض التدريجي) يحدث بالفعل. والواجب عمله هو البدء في الاستثمار في إزالة الكربون من نظام الطاقة الحالي."
وحث الجابر أكبر الشركات التي تعتمد على الوقود الأحفوري في العالم على الانضمام إلى "التحالف العالمي لإزالة الكربون"، وتجري حوالي 20 شركة منها مناقشات للقيام بذلك. وتستلزم عضوية التحالف الالتزام بالوصول إلى الحياد المناخي (الكربوني) بحلول عام 2050 وخفض انبعاثات الميثان إلى ما يقرب من الصفر، وهو أحد أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وبينما يصارع العالم مع الحاجة لمواجهة تغير المناخ، تشير التوقعات إلى أن مؤتمر هذا العام سيكون لحظة هامة في صياغة الجهود الدولية للوصول إلى مستقبل مستدام.
وهنا سؤال يطرح نفسه، لماذا الحاجة للعمل؟ وما هي ضرورة الخفض التدريجي لاستخدام النفط؟
إن ارتفاع حرارة الجو عالميا يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة.
والتهديد الذي يشكله تغير المناخ زاد وضوحا وجلاء في السنوات الأخيرة. وتسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية في تغيرات غير مسبوقة في الأنظمة البيئية، ما يؤدي إلى تطرف الظروف المناخية، وارتفاع مستوى البحر، وفقدان التنوع البيولوجي. وإن تُركت الأمور كما هي، ستكون عواقب كارثية على الكوكب والأجيال القادمة.
ولمواجهة هذه التحديات، اعتبر علماء أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري هي الدافع الأساسي لتغير المناخ. ومن هذه الانبعاثات، يلعب ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري دورا مهما. ويعتبر استخراج النفط واستهلاكه أحد أكبر العمليات المساهمة في بث ثاني أكسيد الكربون إلى الجو
يشجع الدكتور الجابر شركات الطاقة على الالتزام بالحياد الكربوني بحلول عام 2050 والانضمام إلى التحالف العالمي لإزالة الكربون.
آثار صحية وتدهور البيئة
لا يساهم إنتاج النفط في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وحسب، بل يشكل مخاطر صحية شديدة وتدهوراً بيئياً. غالباً ما تتضمن عملية استخراج النفط الحفر العميق في النظم البيئية الهشة كالغابات والمناطق البحرية الثرية بالتنوع البيولوجي. وتؤدي هذه الأنشطة إلى تعطيل البيئات الطبيعية وإطلاق الملوثات السامة في مصادر الهواء والمياه.
ويؤدي حرق النفط إلى إطلاق ملوثات ضارة كثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين التي تلوث الهواء وتسبب أمراض الجهاز التنفسي لدى المجتمعات القريبة من مواقع العمل وطرق النقل الرئيسية.
الفرص الاقتصادية في التحول إلى البدائل
بينما تتأسس الحاجة للتخلص التدريجي من النفط من المخاوف البيئية، هناك فرص اقتصادية كبيرة مرتبطة بالتحول إلى بدائل الطاقة النظيفة. شهدت مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح تطورات ملحوظة في السنوات الأخيرة، وأصبحت أكثر تنافسية من حيث التكلفة مقابل الوقود الأحفوري.
والاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة يخلق فرص عمل جديدة، ويشجع نمو الاقتصادات الوطنية، ويقلل الاعتماد على النفط المستورد. كما أن الدول التي تتبنى تكنولوجيات الطاقة النظيفة تكون في وضع أفضل لقيادة حركة التحول العالمي نحو مستقبل منخفض الكربون.
مؤتمر الأطراف (COP28): دعوة للعمل
في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP28) الذي تستضيفه دولة الإمارات في نوفمبر 2023، سيجتمع زعماء العالم ومختلف الأطراف ذات العلاقة لمناقشة إستراتيجيات تخفيف حدة تغير المناخ وتسريع وتيرة التحول عن الوقود الأحفوري. وأحد البنود الرئيسية في جدول الأعمال هو الدعوة إلى الخفض التدريجي للنفط.
وباستهداف هذه المجالات، تسعى الحكومات إلى خفض اعتمادها على النفط وتعزيز البدائل المستدامة التي تشجع النمو الاقتصادي دون مساس بالسلامة البيئية.
وتتمحور الدعوة إلى الخفض التدريجي للنفط حول خفض الاستهلاك العالمي باتخاذ التدابير السياسية والاستثمار في التقنيات البديلة. وفيما يتعلق بالنقل، يتضمن هذا الالتزام: تنفيذ لوائح صارمة بشأن انبعاثات الكربون الناتجة من قطاعات النقل؛ وتسويق السيارات الكهربائية كبديل للسيارات التقليدية وتشجيع الاستثمار في أنظمة النقل العام ودعم البحث والتطوير في مجال الوقود الحيوي المتقدم.
ويتطلب الخفض التدريجي للنفط تعاونا دوليا بين الدول. ولتحقيق هذه الغاية، يسعى المؤتمر إلى تعزيز التعاون بين الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات البحثية.
ومن خلال تبادل المعرفة والمبادرات المشتركة التي تركز على نقل التكنولوجيا وبناء القدرات، من المأمول أن تجتمع الشركات والحكومات في دبي لتشارك الخبرات
تساؤلات هامة
1. ما الجدول الزمني للخفض التدريجي للنفط المقترح؟
الجدول الزمني المحدد للتنفيذ قد يختلف من بلد لآخر، لكن الحاجة الملحة لمواجهة تغير المناخ تتطلب إجراءات سريعة. وسيكون مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP28) منصة للدول لوضع أهداف طموحة وخطط ملموسة لخفض استهلاك النفط في إطار زمني معقول.
2. هل يؤدي الخفض التدريجي للنفط إلى فقدان الوظائف في صناعة الوقود الأحفوري؟
قد يكون هناك استبدال لبعض الوظائف في صناعة الوقود الأحفوري في الفترة الانتقالية، لكن الاستثمار في الطاقة المتجددة والقطاعات المستدامة الأخرى قد يخلق فرص عمل جديدة. وعلى الحكومات أن تعطي الأولوية لبرامج تطوير المهارات الجديدة لضمان انتقال سلس للعمال من صناعة تقليدية إلى صناعة حديثة.
3. كيف يمكن للفرد المساهمة في التخلص التدريجي من النفط؟
يمكن للأفراد لعب دور حاسم من خلال تبني نمط حياة مستدام مثل اقتناء السيارات الكهربائية واستخدام وسائل النقل العام، ودعم مبادرات الطاقة المتجددة، والدعوة إلى سياسات داعمة لبدائل الطاقة النظيفة.
4. What challenges might arise during the process of phasing down oil?
تنفيذ الخفض التدريجي للنفط سيأتي مصحوباً بتحديات كالمقاومة من أصحاب المصالح الخاصة والآثار الاقتصادية والعوائق التكنولوجية. مع ذلك من خلال هياكل الإدارة الفعالة والجهود التعاونية بين أصحاب المصلحة، يمكن التغلب على هذه التحديات.
5. كيف يتماشى الخفض التدريجي للنفط مع الاتفاقيات الدولية القائمة مثل اتفاق باريس؟
يتوافق الخفض التدريجي للنفط مع أهداف الاتفاقيات الدولية كاتفاق باريس، الهادف إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة. وبالحد من انبعاثات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، تتخذ الدول خطوات مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف.