في إطار جهود مكافحة تغير المناخ، اقترحت وكالة حماية البيئة (EPA) الأمريكية حدودا جديدة لانبعاثات العادم، ومعها من المتوقع أن تبلغ حصة السيارات الكهربائية 67٪ من جميع السيارات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة بحلول عام 2032. هذا الهدف الطموح يتجاوز التزام الرئيس جو بايدن بتمكين السيارات الكهربائية أن تشكل 50٪ من مبيعات السيارات الجديدة عام 2030.
ورغم الارتفاع الأخير في مبيعات السيارات الكهربائية، فإنها لا تزال تشكل 5.8٪ فقط من إجمالي 13.8 مليون سيارة جديدة بيعت في الولايات المتحدة العام الماضي، بتراجع واضح عن الصين وأوروبا. ولن تفرض هذه المستهدفات أرقاما سنوية محددة لمبيعات السيارات الكهربائية، لكنها ستضع معايير لخفض تلويث الهواء باستخدام السيارات والشاحنات، ما يشجع صناعة السيارات على بيع مزيد من السيارات الكهربائية. وفقا لوكالة حماية البيئة، يمكن للمعايير الجديدة خفض نحو 10 مليارات طن من انبعاثات الكربون بحلول عام 2055، ما يزيد عن مثلي الانبعاثات الأمريكية في عام 2022.
مقارنة بالولايات المتحدة، تعد مستهدفات الإمارات متواضعة، إذ تسعى لتسيير 42 ألف سيارة كهربائية في الشوارع بحلول عام 2030. وبالنظر إلى أنه تم بيع 2000 سيارة كهربائية فقط في الإمارات عام 2020، ندرك أن الفارق كبير. والسؤال هنا: هل تشجع الولايات المتحدة دولا أخرى، منها الإمارات، على اتخاذ إجراءات أشد جرأة في هذا السياق؟
لدى دولة الإمارات حوالي 325 محطة شحن، وهو عدد كاف تماما مقارنة بعدد السيارات في البلاد قبل عامين. لكن مع ظهور المزيد من السيارات الكهربائية على الطرق، ستزداد نسبة السيارة الكهربائية إلى محطات الشحن وتكون الحاجة لمزيد من الاستثمار في البنية التحتية.
يقود مايكل ريجان - مدير وكالة حماية البيئة – مقترحا بوضع حدود للانبعاثات في الولايات المتحدة، تخضع للمراجعة والتدقيق. وسوف يدعم الاستبدال السريع لسيارات الغاز الطبيعي بسيارات كهربائية أهداف إدارة بايدن للحد من الانبعاثات بنسبة 50٪ على الأقل بنهاية العقد وتحقيق الحياد الكربوني عام 2050.
وبناء على مسارات الامتثال التي اختارتها الشركات المصنعة، تتوقع وكالة حماية البيئة أن تمثل السيارات الكهربائية 67٪ من مبيعات السيارات الخفيفة الجديدة و46٪ من مبيعات السيارات المتوسطة الجديدة عام 2032. غير أن الحدود المقترحة تضع تحديات كبيرة أمام شركات صناعة السيارات، والتي تستثمر المليارات في المصانع وتكنولوجيا البطاريات لإنتاج السيارات الكهربائية. ويتطلب الاعتماد السريع للسيارات الكهربائية تأسيس بنية تحتية للشحن أشمل ومواد إضافية لبطاريات السيارات.
ويرى جون بوزيلا، الرئيس التنفيذي لتحالف ابتكار السيارات، أن الحدود المقترحة من وكالة حماية البيئة طموحة بشكل كبير، ودعا إلى تطوير محطات الشحن وطرح سيارات كهربائية بأسعار معقولة، وإنشاء سلاسل توريد محلية للمعادن المستخدمة في تصنيع السيارة الكهربائية. وشدد بوزيلا على أن سرعة تبني السيارات الكهربائية يتوقف على تنفيذ السياسات السليمة وظروف السوق.
ولا ننسى هنا أن معارضة المستهلكين لشراء السيارات الكهربائية قد تعيق جهود إدارة بايدن لتعظيم مبيعات السيارات الكهربائية. فالسيارات الكهربائية الجديدة حاليا تكلف في المتوسط أكثر من 58 ألف دولار، أعلى بكثير من متوسط أسعار السيارة التقليدية الذي يبلغ 46 ألف دولار. وتم منح إعفاءات ضريبية لشراء السيارات تصل إلى 7,500 دولار، لكن وزارة الخزانة ستخفض عدد السيارات الكهربائية المؤهلة للحصول على إعفاء ضريبي كامل.
وترحب الجماعات المناصرة للبيئة بالحدود التي اقترحتها وكالة حماية البيئة كخطوة نحو مواجهة تغير المناخ وتقليل تلوث الهواء، خاصة في المجتمعات التي تعيش بالقرب من الطرق السريعة. لكن استطلاعا للرأي وجد أن نصف الأمريكيين تقريبا لا يميلون لشراء سيارة كهربائية بدل السيارة الحالية، معللين ذلك بارتفاع التكاليف ونقص خيارات الشحن. وأيد 35٪ فقط من الشعب الأمريكي وضع قواعد صارمة للانبعاثات كآلية لتحفيز الشركات على زيادة مبيعات السيارات الكهربائية.
لمعالجة هذه المخاوف، تستهدف إدارة بايدن نشر نحو 500 ألف محطة شحن كهربائية في أنحاء الولايات المتحدة قبل 2030، معتمدة على دعم شركات مثل تسلا وجنرال موتورز وفورد وتشارج بوينت. وخصصت الإدارة الأمريكية في حزمة إنفاق البنية التحتية لعام 2021 مبلغ 5 مليارات دولار لمساعدة الولايات على تطوير محطات شحن كهربائية على امتداد شبكات الطريق السريعة.
ويبدو أن الولايات المتحدة تعطي مثالا يحتذى عالميا في تطوير سوق السيارات الكهربائية استجابة لتغير المناخ وتلوث الهواء. وتبقى الآمال معلقة على الإمارات لتحذو حذوها.