الصين تتصدر دول العالم في إنتاج وتصدير السيارات الكهربائية، فكيف تحقق لها هذا؟

تعيش صناعة السيارات العالمية حالة تغير مستمر، وسعت الصناعة إلى إعادة هيكلة نفسها خلال فترة أزمة كورونا مع نقص إمدادات المواد الخام وصدور بعض التشريعات المتعلقة بعوادم السيارات. وبينما انشغلت معظم شركات السيارات في وضع استراتيجيات للمستقبل، طوّرت الصين بشكل رائع صناعة السيارات لديها وعزّزت صادراتها بشكل غير مسبوق في مجال السيارات الكهربائية، لتنمو صادراتها من الصفر إلى الأعلى مبيعا في بضع سنوات!

في شهر يوليو 2023، أصبحت السيارة الكهربائية "آتو 3" من إنتاج شركة "بي واي دي" الصينية هي السيارة الكهربائية الأكثر مبيعا في السويد متقدمة على العملاقة فولكس فاجن. أكد هذا الإنجاز على تفوق الصين الكاسح في السباق نحو الهيمنة على السوق العالمية للسيارات الكهربائية. ولهذا تفاصيل مثيرة نشرحها بعد أن نُلقي نظرة على عدد من الأرقام والإنجازات المحققة مؤخرا لصناعة السيارات الصينية.

ثورة في إنتاج وتصدير السيارات الصينية

في عام 2000، كانت الولايات المتحدة على رأس الدول المصنعة للسيارات بإنتاج 12.8 مليون سيارة سنويا. واليابان في المركز الثاني (10.1 مليون سيارة) وألمانيا في المركز الثالث (5.5 مليون سيارة). وفي عام 2010، أصبحت الصين تنتج 18 مليون سيارة ثم بعد أربع سنوات فقط، وصل إنتاج الصين إلى نحو 24 مليونا، أي أكثر من ربع الإنتاج العالمي (26٪).

ثم دارت الأيام ووصلنا عام 2022، لنجد الصين تسبح بعيدا في المقدمة متجاوزة ليس ألمانيا وحدها وإنما الولايات المتحدة واليابان، بصناعة 27 مليون سيارة سنويا. بينما الولايات المتحدة أنتجت 10 ملايين سيارة في نفس العام واليابان 7.8 مليون سيارة فقط

في عام 2009 مثلا، كان هناك 62 مليون سيارة على طرق الصين، وفي عام 2017 زادت إلى 300 مليون سيارة، ومن المتوقع أن تصل إلى 500 مليون سيارة عام 2030!

يمكن رؤية نتائج مدهشة مماثلة في صادرات السيارات الصينية بوجه عام. ففي عام 2010، صدّرت الصين أكثر من نصف مليون سيارة (545 ألف)، وقبل ثلاث سنوات صدرت حوالي مليون سيارة. ثم في عام 2022، زادت صادرات الصين بأكثر من ثلاثة أمثال لتصل إلى 3.32 مليون سيارة لتصبح ثاني أكبر دولة مصدرة للسيارات في العالم.

في الربع الأول من عام 2023، احتلت الصين المركز الأول في العالم أمام اليابان، إذ زادت صادراتها على أساس سنوي بين شهري يناير وأبريل بنسبة 76٪ إلى 1.5 مليون سيارة (في ثلاثة أشهر فقط!).

مسيرة نمو السيارات الكهربائية في الصين

في عام 2022، صدرت الصين 679 ألف سيارة كهربائية، مقابل 225 ألف سيارة قبل عامين، مقابل 105500 سيارة كهربائية فقط في عام 2017.

بالمثل، نمت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين من 8000 سيارة عام 2011 إلى 1.1 مليون سيارة عام 2020، ثم قفزت إلى 2.9 مليون عام 2021 قبل أن تُحلق في سماوات بعيدة في عام 2022 بإنتاج 6.8 مليون سيارة. في عام 2023، كان ثلثا السيارات الكهربائية الجديدة المسجلة في العالم في الصين. بينما في أنحاء قارة أوروبا تم تسجيل 2.6 مليون سيارة كهربائية (بزيادة 25٪) وفي الولايات المتحدة 750 ألف سيارة فقط.

ومن المعروف أن من يقبل على شراء سيارة جديدة في الصين يحتاج إلى شراء لوحة أرقام للسيارة، ونظرا لعدد السكان الضخم في الصين، هناك قائمة انتظار طويلة تصل إلى خمس سنوات للحصول على لوحة أرقام سيارة جديدة. بعض الصينيين يشاركون في اليانصيب (اللوتري) للفوز بلوحة سيارة، وبعضهم يشارك في مزاد للحصول على لوحة سيارة أحيانا يصل سعرها إلى 15 ألف دولار. لكن الصين جعلت تسجيل السيارات الكهربائية أسهل وأسرع، ما أدى إلى تحفيز الطلب عليها!

كيف حققت الصين هذه المكانة في سوق السيارات الكهربائية؟

نجاح الصين الذي لا تُخطئه عين في تصنيع وتصدير السيارات الكهربائية ارتكز على ذكاء السياسة الحكومية والابتكار التكنولوجي وتغير ديناميكيات السوق. فقد شجعت الحوافز الحكومية مثل الإعانات والإعفاءات الضريبية وعقود الشراء ظهور العديد من العلامات المحلية للسيارات الكهربائية. واستطاعت الشركات المحلية تكييف التكنولوجيا بشكل مباشر مع احتياجات الناس في الصين، وجذب شرائح سكانية متزايدة من الشباب لشراء السيارات الكهربائية.

وجاءت اللحظة الحاسمة حين أدركت الصين أنها لا تستطيع التفوق على صناع السيارات العريقة في مجال محركات الاحتراق الداخلي (السيارات التقليدية)، فتحولت مباشرة إلى التفوق في القطاع الجديد (السيارات الكهربائية). مهّدت الاستثمارات الحكومية المبكرة وتحديد أولويات أبحاث السيارات الكهربائية الطريق.

لعب وان جانج، المهندس السابق في شركة أودي وأحد المتحمسين للسيارات الكهربائية، دورا مهما حين أصبح وزيرا للعلوم والتكنولوجيا في الصين عام 2007 ووضع تطوير السيارات الكهربائية على رأس أجندة التخطيط الاقتصادي في الصين. وخصصت الحكومة أكثر من 29 مليار دولار بين عامي 2009 و2022 لدعم مشاريع تطوير وإنتاج السيارات الكهربائية.

السيارات الكهربائية تحظى بشعبية كبيرة في الصين. في عام 2022 وحده تم بيع 6.8 سيارة كهربائية في عموم الصين.

شجعت العقود الحكومية الشركات على إنتاج السيارات الكهربائية لقطاع النقل العام. فمثلا استفادت شركة "بي واي دي" من التعاون مع حكومة مدينة شينزن الصينية، فأصبحت المدينة هي الأولى في العالم التي تحول أسطول النقل العام إلى العمل بالكهرباء.

استفادت الصين أيضا من سهولة الحصول على المواد الخام المستخدمة في تصنيع البطاريات الكهربائية. وطورت الصين أعلى قدرات تكرير لمواد البطاريات الكهربائية مثل هيدروكسيد الليثيوم والجرافيت وكبريتات النيكل. وأصبحت الشركات المصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية الصينية تنتج ثلث بطاريات السيارات الكهربائية في العالم.

نجحت جهود بحث وتطوير وإنتاج السيارات الكهربائية نجاحا مدويا في الصين، ما أجبر الدول الكبرى على التكيف مع هذا الاتجاه وتحفيز الابتكار لمواكبة الحركة المحمومة في الصين.

أصبح وان جانج، المهندس السابق في شركة أودي، وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني عام 2007 وركّز جهوده على تحفيز قطاع السيارات الكهربائية ونجح نجاحا مُدويا. الصورة، المنتدى الاقتصادي العالمي

في الوقت نفسه، مشاركة الشركات المحلية الصينية في إنتاج السيارات أو أجزاء من السيارات لصالح شركات مثل فولكس فاجن وبي إم دبليو وتسلا مع الالتزام بمعايير الجودة الأوروبية والدولية جعل الصناعة المحلية الصينية ترقى إلى المعيار الدولي، وأصبحت الصين تدريجيا قادرة على المنافسة الدولية.

كل ما سبق أسهم في ارتقاء الصين سلم الجودة في تصنيع السيارات، وخاصة الكهربائية، بمعدل محموم وغير مسبوق. اليوم تتمتع الصين بزخم لا يُمكن إيقافه وتقود العالم تقريبا في تكنولوجيا السيارات الكهربائية والابتكار وسرعة طرح الموديلات الجديدة في الأسواق بأسعار صعب منافستها، مع التزام أرقى معايير الجودة والسلامة.

فأصبحت الصين التي اشتهرت حتى وقت قريب بتقليد البضائع وإنتاج السيارات عديمة الجودة – تسبح في الأمام وتصارع شركات السيارات الغربية العريقة للحاق بها أو تقليد نجاحاتها!

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

مظاهر كلاسيكية تختفي من سياراتنا مع انطلاق شركات السيارات في سباق الحداثة

مظاهر كلاسيكية تختفي من سياراتنا مع انطلاق شركات السيارات في سباق الحداثة

أسرفت السيارات الحديثة في التخلص من المظاهر الكلاسيكية في السيارات الجديدة، مثل النوافذ اليدوية وعدادات المؤشرات والمصابيح الأمامية البارزة، في محاولة لارتداء زي الحداثة، لكن بعض عشاق السيارات ما يزالون يشعرون بالحنين للتصاميم والأجواء الكلاسيكية داخل السيارة.. فهل أنت مع الحداثة، أم مع العودة للأصول؟

سيارة جديدة من جاكوار تخرج للنور.. وتثير الجدل الجندري!

سيارة جديدة من جاكوار تخرج للنور.. وتثير الجدل الجندري!

أعلنت جاكوار عن سيارتها الجديدة “جاكوار تايب 00” بعد إعادة تصميمها بلمسات يسارية متطرفة أثارت الكثير من الجدل. صدرت السيارة بلون وردي قد يحمل إيحاءات جندرية جريئة. ستكون الآراء في هذه السيارة متضاربة بل وشديدة التضارب!

أحدث مقاطع الفيديو

All 7 emirates in one day in an EV

All 7 emirates in one day in an EV

يستكشف المؤثر محمد خليفة جميع الإمارات السبع في يوم واحد فقط في سيارة BYD الكهربائية. شاهد مغامرته هنا.

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شاهد اللقاء الصحفي مع السيد حسن نرجس المدير العام لمجموعة الفطيم – الموزع الحصري لسيارات “بي واي دي” في الإمارات. أجرينا اللقاء على هامش افتتاح أحدث صالات عرض "بي واي دي" في شارع الشيخ زايد في دبي.

8 أغسطس, 2023