أعلنت شركة نيسان رغبتها الإنهاء التدريجي لإنتاج الجيل الحالي من سيارتها الكهربائية الرائدة "نيسان ليف” (Nissan Leaf)، أي أن عام 2024 سيكون على الأرجح آخر عام نرى فيه السيارة بعد 13 عاما في الخدمة.
وقد خرجت السيارة "نيسان ليف” للشارع أول مرة في عام 2010 وسط مخاوف كبيرة آنذاك من مخاطر قيادة سيارة كهربائية، ولعبت السيارة دورا لا يُنسى في إثبات جدارة وشعبية السيارة الكهربائية.
وأصبحت "نيسان ليف" السيارة الكهربائية الأكثر مبيعا في العالم عامي 2011 و2014، ثم توارت عن الصدارة وعادت إليها مجددا عام 2016، واستطاعت السيارة أن تصبح السيارة الأكثر مبيعا في النرويج في وقت ما. وامتازت نيسان ليف بالسعر المقبول للسوق بنحو 25 ألف دولار، واحتفظت بالرقم القياسي لأكثر السيارات الكهربائية شعبية في العالم حتى نهاية 2019، قبل أن تحتدم المنافسة مع سيارة تسلا موديل 3 في أوائل 2020. وفي عام 2022، باعت نيسان أكثر من نصف مليون وحدة من السيارة “ليف”.
وقد كشفت نيسان النقاب عن السيارة "ليف" في مرحلة باكرة من نشأة سوق السيارات الكهربائية. وحين نطالع سجلات تاريخ السيارات، نجد أن السيارة الكهربائية المدمجة الصديقة للعائلة كانت بشيرا باتجاه جديد في حركة صناعة السيارات. فلم تكن “ليف” مجرد سيارة وإنما رهانا كاملا على قدرات السيارة الكهربائية، وتحديا لمفاهيم أجيال من عشاق السيارات ورياح تغيير لعالم السيارات في العالم.
وكانت تسلا قد تصدرت ركب منتجي السيارات الكهربائية في عام 2008 بإطلاق سيارتها تسلا رودستر الرياضية ذات المقعدين، وكانت سيارة "لوتس إليز" أعيدت هندستها لتصبح سيارة كهربائية، وكانت وقتها صيحة جديدة لكن حققت جاذبية وإمكانات تسويقية محدودة. في الوقت نفسه، كانت السيارة “ليف” الهاتشباك التقليدي ذات الخمسة أبواب صالحة للاستخدام في مختلف أغراض السيارة التقليدية داخل المدن. ولم تخرج للأسواق أي سيارة ذات شعبية من شركة تسلا سوى السيارة تسلا إس حتى يونيو 2012، والحقيقة أنها حققت طفرة تسويقية آنذاك.
وخلال تاريخها، حصلت السيارة “ليف” على مجموعة من الجوائز المرموقة، منها جائزة السيارة العالمية لعام 2011. لكن يبقى أكبر إنجازاتها تشجيع ثورة السيارات الكهربائية، حيث لعبت السيارة دورا رائدا في تبديد المخاوف من جدوى السيارة الكهربائية وأدائها وموثوقيتها.
أعلن ماكوتو أوشيدا، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة نيسان، أن كل سيارة جديدة تصدر عن نيسان في أوروبا في الفترة القادمة ستكون سيارة كهربائية!
وامتد أثر "نيسان ليف” في أنحاء الصناعة، لأسباب عدة منها أنها كانت طليعة التقدم التكنولوجي. وحين طرحت السيارة خاصية الكبح المتجدد والإدارة المتقدمة للبطاريات وميزات مثل الشحن اللاسلكي أضافت بُعدا ثوريا آنذاك.
ولا شك أن النسخ الباكرة من السيارة عانت من مشاكل قصر مدى السير وضعف البطارية أمام درجات الحرارة العالية، وهو ما غذى المخاوف من قصر مدى السير في السيارات الكهربائية، وهي أحد المخاوف التي لا تزال تشوب السيارات الكهربائية إلى اليوم.
ولهذا السبب كان الصبر مفتاحا للفرج مع السيارة "ليف"، حيث كان الموديل الأول من السيارة يسير 100 ميل فقط. وأصبح الموديل الحالي يسافر نحو 225 ميلا عند استعمال أكبر بطارية متاحة (علما بأن الموديل الحالي لا يزال يعتمد على نظام تبريد الهواء السلبي للبطارية ما يجعل السيارة عرضة لارتفاع الحرارة).
وسيارة نيسان الكهربائية بالكامل الثانية هي "نيسان أريا" وانطلقت أوائل 2023، وتسير حتى 329 ميلا بالشحنة الواحدة، وهي سيارة دفع رباعي أكبر حجما ويتراوح سعرها بين 40.000 و50.000 دولار.
وفي الجيل الثاني من نيسان ليف، الذي تم طرحه عام 2017 وقدم تصميما تقليديا مع انسيابية سيارات الجيل الأول تجاوز مدى السير به 150 ميلا، مع عزم دوران أكبر وأداء أروع.
ومع تحول المزيد من شركات السيارات التقليدية لإنتاج سيارات كهربائية، تراجعت مبيعات “ليف” في السنوات الماضية، وتشير الأخبار إلى أن الشركة لن تُنتج سيارة جديدة بنفس الاسم.
وبدأت شركة نيسان في خطط طموحة لطرح مجموعة مثيرة من السيارات الكهربائية، بعد رحلة طويلة مع البحث والتطوير لمفاهيم السيارات الكهربائية المدهشة في سيارات مثل: كونسبت 20-23 وهايبر اربان وهايبر ادفنتشر وهايبر تورار، وأخيرا سيارة هايبر فورس المستوحاة من تصميم "نيسان جي تي آر" وظهرت لأول مرة في معرض طوكيو للسيارات. وسوف تستند الإبداعات المستقبلية لنيسان في مجال السيارات الكهربائية من الأساس الذي وضعته السيارة "ليف".
في الشهر الماضي في لندن، أصدر رئيس نيسان ومديرها التنفيذي ماكوتو أوشيدا إعلانا مفاجئا مفاده أن كل سيارة جديدة تصدر عن نيسان في أوروبا في الفترة القادمة ستكون سيارة كهربائية!
وعملت السيارة “ليف” على إثبات متانة وصلاحية بطاريات السيارات الكهربائية. وكانت بطارية ليف تحمل ضمانا لثماني سنوات أو 100 ألف ميل مسير في الولايات المتحدة (خمس سنوات في أوروبا). وحين طرحت نيسان السيارة “ليف”، قدرت عمر البطارية بــــــــ 10 سنوات مع بقاء 80% من سعتها متاحا بعد خمس سنوات من القيادة.
وقد بالغت الشركة في تقدير سرعة تآكل البطارية، إذ أشارت بيانات عام 2019 أنه من 400 ألف سيارة "ليف" مستعملة في أوروبا احتفظت البطاريات بأدائها لمدة 22 عاما. ورغم المخاوف، فإن العديد من سيارات “ليف” من الجيل الأول لا تزال في الخدمة بعد 13 عاما على إطلاقها، وبعد أن قطعت السيارات أكثر من 150 ألف ميل بنفس البطارية الأصلية!
ورغم أن سيارة “ليف” سوف تختفي عما قريب، يظل إرث نيسان الرائد في مجال السيارات الكهربائية جديرا بالتقدير؛ بينما تسعى نيسان إلى إنتاج جيل من السيارات الكهربائية بعد خروج السيارة "ليف" من الخدمة. وسيكون توقف إنتاج هذه السيارة ليس بمثابة "انقطاع" عن الإبداع، وإنما انتقالا سلسا إلى الفصل التالي في دنيا إبداع النقل الكهربائي.