يبدو أن الشائعات التي تقول إن سوق السيارات الكهربائية في تراجع مبالغ فيها إلى حد كبير! فقد أشارت عناوين صحف رئيسية حول العالم في الأشهر الأخيرة إلى انهيار وشيك في مبيعات السيارات الكهربائية؛ لكن يبدو ذلك مُجافيا للواقع على كل حال؛ فمبيعات السيارات الكهربائية في ارتفاع صاروخي!
توقعت وكالة الطاقة الدولية بيع 17 مليون سيارة كهربائية هذا العام، بارتفاع 20% عن عام 2023. وفي أي سوق أخرى، تعتبر هذه النسبة انتصارا كبيرا للسلعة أو المنتج. لكن حين تنظر إلى نمو مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 31% في عام 2023 و60% في عام 2022، قد تعتبر هذا تباطؤا!
وفي حديث لصحيفة الجارديان البريطانية، اعتبر فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إن هناك زخما واضحا في التحول إلى السيارات الكهربائية.
وقال: "يبدو أن ثورة السيارات الكهربائية العالمية تستعد لمرحلة جديدة من النمو".
وأضاف: "تشير موجة الاستثمار في تصنيع البطاريات إلى أن سلسلة توريد السيارات الكهربائية تتقدم لتلبية خطط التوسع الطموحة لشركات السيارات. ولذلك متوقع أن تستمر السيارات الكهربائية في اكتساب حصة أكبر على الطرقات وبشكل سريع".
وذكرت وكالة الطاقة أنه في الربع الأول من العام الحالي، تجاوزت مبيعات السيارات الكهربائية والهجين (التي تعمل بمحركات البنزين والبطارية في آن واحد) مبيعات عام 2020 بأكمله.
رسم بياني يوضح تطور حصة السيارات الكهربائية في إجمالي السيارات المباعة. المصدر: موقع Our World In Data.
وإذا نظرنا إلى عام 2023، نجد أن واحدة من كل خمس سيارات مُباعة كانت كهربائية – سواء كهربائية بالكامل أو هجين.
مع ذلك تنوعت معدلات تبني السيارات الكهربائية من بلد إلى آخر. ففي النرويج، كان أكثر من 90% من السيارات الجديدة كهربائية. وفي الصين 40% تقريبا؛ وفي الاتحاد الأوروبي 22%؛ وفي الولايات المتحدة 10% فقط.
مع ذلك شهد نمو مبيعات السيارات الكهربائية تباطؤا في بعض الدول المهمة مثل المملكة المتحدة وألمانيا. يقول ديلان خو، محلل صناعة السيارات الكهربائية في شركة "إيه بي آي للأبحاث" (ABI Research)، إن هذا التراجع يعود في المقام الأول إلى طبيعة الدعم الحكومي. فقد ساهم هذا في السردية السلبية عن السيارات الكهربائية لأن هذه هي أكبر أسواق السيارات في أوروبا، لكن ثلثي الدول الأوروبية شهدت نموا في عام 2023 أكثر من العام الأسبق.
وقد تعزى مشاكل مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة إلى الاعتماد غير المستدام على شركة تسلا، والذي يتعثر مع تراجع أعداد محبي تبني التكنولوجيات الجديدة وتحرك السوق نحو التبني الجماعي.
بينما في الصين، يمر السوق بفترة نمو خطي ومن المتوقع أن تُشكّل السيارات الكهربائية أكثر من نصف مبيعات السيارات الإجمالية في البلاد عام 2025. وواصلت شركة “بي واي دي” خفض أسعار السيارات الكهربائية إلى مستويات نظائرها التقليدية وأحيانا أقل منها. وتشهد الصين تحولا متسارعا نحو تبني السيارات الكهربائية، بغض النظر عن الدعم الحكومي.
ويقول ديلان خو: "الصين قدمت مثالا يُحتذى وأعطت درسا في كيفية جذب الجمهور للسيارات الكهربائية. إن استطاعت شركات السيارات تصنيع تشكيلات واسعة من السيارات الكهربائية بأسعار جذابة، فسوف يُقبل عليها الناس. وهنا مكمن التحدي أمام أوروبا وأمريكا الشمالية. إن فشلنا في ذلك، من غير المرجح تصحيح هذا الوضع قبل تشغيل مصانع البطاريات العملاقة الجديدة وإصدار المزيد من الموديلات في النصف الأخير من العقد الحالي."
وفي مجلس التعاون الخليجي، تتزايد الحصة السوقية للسيارات الكهربائية بسرعة، مدفوعة بطرح سيارات جديدة مثيرة في الأسواق والتوسع في نشر البنية التحتية للشحن.
