في عام 2024، عززت شركة "بي واي دي" الصينية مكانتها كقوة عظمى في سوق السيارات الكهربائية، فباعت 4.27 مليون سيارة لأول مرة، بزيادة 41.3٪ عن العام الأسبق.
ساهم في هذا الارتفاع الطلب المحلي في الصين واتساع التواجد الدولي للشركة. وجاءت مبيعات الشركة في ديسمبر لافتة جدا، حيث باعت 207734 سيارة كهربائية، فكان الشهر مسك الختام لعام ناجح. جانب كبير من نجاح الشركة الصينية جاء من سيارات الطاقة الجديدة، وتشمل السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات (BEVs) والسيارات الهجين القابلة للشحن (PHEVs). وأعلنت الشركة عن بيع 506804 سيارة طاقة جديدة في نوفمبر، متجاوزة الهدف المحدد سلفا، ثم تجاوزت هذا الرقم حين باعت 514819 سيارة في ديسمبر.
وهناك شركة صينية أخرى (لي أوتو)، حققت مبيعات شهرية تجاوزت 500 ألف سيارة في عام 2024. ورغم أن شركة "لي أوتو" (Li Auto) غير مشهورة خارج الصين، فإن هذه الأرقام تؤكد السرعة التي تسير بها صناعة السيارات الكهربائية في الصين.
تسلا تواجه أول انخفاض في مبيعاتها منذ 10 سنوات
على النقيض، كان عام 2024 حافلا بالتحديات لشركة تسلا التي سجلت أول انخفاض في مبيعاتها السنوية منذ عام 2011. سلمت الشركة 1.79 مليون سيارة، بانخفاض 1.1٪ عن عام 2023، رغم أن سلمت للعملاء 495570 سيارة في الربع الرابع من العام. واجهت تسلا منافسة متزايدة خصوصا من شركة "بي واي دي" الصينية، إضافة إلى تباطؤ الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، والرياح المعاكسة في الأسواق الرئيسية مثل الصين. علما بأن تسعير سيارات تسلا هو الأعلى بين المنافسين، وموديلاتها محدودة النطاق نسبيا مقارنة بالمنافسين الصاعدين، ما جعل فقدان حصص سوقية أمرا حتميا.
موديلات جديدة تحت الإطلاق في عام 2025
أعلنت شركة "بي واي دي" وتسلا خططا طموحة لعام 2025، مع موديلات وابتكارات جديدة قد تعيد تشكيل موديلاتها الحالية. وتستعد "بي واي دي"، بمحفظتها المتنوعة، لطرح عدة سيارات جديدة. تحت علامتها التجارية المتميزة "دينزا" (Denza)، فقد حققت سيارة MPV Denza D9 ضجة حقيقية في الأسواق، حيث طرحت ثمانية تنويعات على نفس الموديل (خمسة سيارات هجين قابلة للشحن وثلاث سيارات تعمل بالبطارية). وتميز الطراز الفاخر بأنظمة قيادة مساعدة متقدمة وتقنية "دي إم" من الجيل الخامس المتطورة. ومن المقرر أن تطلق الشركة علامة "يانج وانج" (Yangwang) طراز U8، وهي سيارة رياضية فاخرة للطرق الوعرة تسعى لمنافسة سيارات فاخرة عالمية. كما تخطط "بي واي دي" لإطلاق سيارة سيليون 7 (Sealion 7)، الرياضية الكهربائية متوسطة الحجم المصممة لمنافسة موديل تسلا واي. والمتوقع أن تجذب هذه السيارة الجديدة التي يقل سعرها بشكل كبير عن تسلا، المستهلكين المعنيين بالتكاليف.
تم الإعلان عن سيارة Denza D9 لأول مرة في عام 2023 ومن المقرر طرحها في عام 2025.
وتستعد تسلا أيضا لتعزيز طروحاتها. ومن المقرر أن تدخل شاحنة "سايبر تراك" مرحلة الإنتاج عام 2025 بعد سنوات من التأخير. وتستهدف الشاحنة الكهربائية المستقبلية شريحة متنامية من الباحثين عن سيارة كهربائية عملية. وأفادت تقارير أن شركة تسلا تعمل على إنتاج موديل بسعر معقول، اسمه "موديل كيو" (Model Q) لتلبية احتياجات شريحة أدنى من المشترين، ولمنافسة شركات مثل "بي واي دي"، التي اجتاحت السوق بأسعارها التنافسية.
توقعات العام الجديد
تسلط توقعات المبيعات لعام 2025 الضوء على احتدام التنافس بين "بي واي دي" وتسلا. ويتوقع محللون أن تصل إيرادات "بي واي دي" إلى نحو 84 مليار دولار، وتجاوز مبيعاتها 3.3 مليون سيارة بحلول عام 2029. والمرجح أن يساعد تنوع موديلات الشركة واستمرار التوسع الدولي هذا النمو. بينما تستهدف تسلا زيادة ما بين 20٪ و30٪ في معدل تسليم السيارات للعملاء وإنتاج ما بين 2.1 و2.3 مليون سيارة. ويعتمد هذا الهدف الطموح على نجاح موديلاتها الجديدة، وخاصة شاحنة "سايبرتراك" والموديل منخفض السعر منها، فضلا عن نجاح تكنولوجيا القيادة الذاتية.
عرض أولي لسيارة Tesla Y ”جونيبر“ الجديدة التي من المقرر إطلاقها في أوائل عام 2025.
مباراة شديدة التنافسية
تعمل المنافسة بين شركة “بي واي دي” وتسلا على تغيير سوق السيارات الكهربائية العالمية. وتتيح تنويعة موديلات “بي واي دي” مخاطبة قطاعات واسعة من السوق، بداية من السيارات المدمجة منخفضة السعر وحتى السيارات الفاخرة. وتواجه تسلا، التي تريد الحفاظ على سمعتها في الابتكار، ضغوطا متزايدة لتنويع سياراتها ومنافسة التسعير العدواني من المنافسين مثل “بي واي دي”. ومع تطور السوق، ستكون قدرة تسلا على الابتكار والتكيف حاسمة في الحفاظ على مكانتها كشركة رائدة في مجال السيارات الكهربائية.
تداعيات دولية
تؤكد المنافسة المتزايدة بين الشركتين العملاقتين على تغير ديناميكيات صناعة السيارات. ويعكس صعود “بي واي دي” السريع الأثر المتزايد لشركات السيارات الصينية على الساحة العالمية، حيث تأخذ هذه الشركات من نجاحها المحلي وقودا للتوسع الدولي. وتسلط تحديات تسلا مؤخرا الضوء على صعوبة الحفاظ على الهيمنة في سوق شديدة التنافسية سريعة التغير. وتحتاج الشركتان إلى إستراتيجيات جريئة وأهداف طموحة لمواجهة هذه البيئة.
من المقرر إطلاق سيارة يانغوانغ U8 من BYD في دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام. إنها سيارة استثنائية وراقية.
نظرة للمستقبل
سوف تحتدم المنافسة بين شركة “بي واي دي” وتسلا أكثر في عام 2025، حيث ستطرح الشركتان موديلات وتقنيات جديدة لاقتناص حصة سوقية أكبر. هذه المنافسة تفيد المستهلك، لأنها تزيد الخيارات والميزات وتخفض الأسعار. والمرجح أن تصوغ إستراتيجية شركة “بي واي دي” المتمثلة في الاستفادة من تنوع موديلاتها والتسعير العدواني، وإستراتيجية تسلا القائمة على الابتكار وتوسيع التشكيلة، مستقبل السيارات الكهربائية.
كان عام 2024 عاما محوريا لسوق السيارات الكهربائية، حيث تحدى الصعود النيزكي لشركة “بي واي دي” هيمنة تسلا القديمة نسبيا. ومع استعداد الشركتين لخطوات واسعة في عام 2025، تزيد حدة السباق على قيادة السوق. ويبقى أن نرى إن كانت تسلا قادرة على استعادة وضعها في السوق، أم تواصل “بي واي دي” رحلة الصعود. المؤكد الوحيد أن هذه المنافسة تأخذ بيد صناعة النقل الكهربائي إلى آفاق جديدة.
