بدأت شركة تسلا رسميًا بيع سياراتها في المملكة العربية السعودية، في خطوة تهدف لاختراق سوق لا يزال غير مستغل إلى حد كبير، رغم التحديات الكبيرة التي تشمل ضعف البنية التحتية وشكوك المستهلكين.
بدأت شركة تسلا رسميًا مبيعاتها في المملكة العربية السعودية، وهو ما يمثل محطة بارزة في مسيرة الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية. تسعى تسلا لاختراق سوق لا يزال بعيدًا عن تبني المركبات الكهربائية على نطاق واسع. فعلى الرغم من قدرة تسلا على بيع السيارات بسرعة، لم تُسجل المملكة سوى حوالي 2000 سيارة كهربائية في العام الماضي، بحسب المحلل سام أبو السميد في شركة تيليمِتري—وهو رقم ضئيل جدًا مقارنة بمبيعات تسلا اليومية التي غالبًا ما تتجاوز هذا الرقم في يوم واحد.
من أبرز العوائق أمام اعتماد السيارات الكهربائية في المملكة العربية السعودية غياب البنية التحتية للشحن، خاصة على الطريق السريع الحيوي الذي يمتد لمسافة 900 كيلومتر بين الرياض ومكة المكرمة، والذي لا توجد عليه حاليًا أي محطات شحن. وعلى النقيض من ذلك، تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة ما لا يقل عن 261 محطة شحن، والعدد في ازدياد مستمر تقريبًا بشكل يومي، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز ثلث عدد سكان المملكة.
يأتي دخول تسلا إلى السوق السعودية في وقت يبدو أن المشهد السياسي قد أصبح أكثر ملاءمة للشركة. فقد تحسنت العلاقات بين القيادة السعودية والرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إيلون ماسك، منذ الخلاف العلني الذي اندلع عام 2018 بسبب تغريدة ماسك المثيرة للجدل “التمويل مضمون”، والتي أدت إلى نزاع قانوني مع المستثمرين. وقد غيّر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي كان شريكًا مثيرًا للجدل في ذلك الوقت، من أولوياته. ويعتقد المحللون أن تسلا تسعى إلى ترسيخ وجودها في المملكة قبل بدء تفاعلات محتملة مربحة قد تلي أحداثًا دبلوماسية مقبلة، من بينها الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
علّق روبرت موغيلنيكي، الباحث المقيم الأقدم في معهد دول الخليج العربي، على الوضع قائلًا: “يفكر كثير من رجال الأعمال في كيفية تموضع شركاتهم حول زيارة الرئيس ترامب المتوقعة إلى الخليج. وأظن أن شركة تسلا تريد ترسيخ وجودها بقوة في السوق السعودية قبل الزيارة، ومن ثم محاولة الاستفادة من الزخم بعدها.”
ومع ذلك، لا تزال تسلا تواجه تحديات ملحوظة في هذا السوق الجديد. فقد سجلت الشركة انخفاضًا بنسبة 13% في مبيعات الربع الأول من هذا العام، ويُعزى ذلك إلى احتدام المنافسة وتغير توجهات المستهلكين تجاه مواقف ماسك السياسية. علاوة على ذلك، فإن درجات الحرارة المرتفعة جدًا في صيف المملكة — والتي قد تتجاوز 50 درجة مئوية — تشكل عائقًا إضافيًا أمام السيارات الكهربائية، إذ أن الحرارة تؤثر سلبًا على كفاءة البطاريات.
تبذل المملكة العربية السعودية جهودًا كبيرة لتعزيز قطاع السيارات الكهربائية ضمن رؤيتها 2030، والتي تتضمن استثمارًا ضخمًا يُتوقع أن يصل إلى 39 مليار دولار لتطوير القطاع. وقد وضعت الحكومة أهدافًا طموحة، من بينها الوصول إلى نسبة 30% من المركبات الكهربائية بحلول عام 2030. وقد تم تأسيس “شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية” لمعالجة النقص في محطات الشحن، وتهدف إلى رفع العدد من 101 محطة حاليًا إلى 5000 محطة بحلول عام 2030.
في ظل الظروف الحالية، قد تكون السيارات الهجينة خيارًا مفضلًا في السوق، حيث أشار كارلوس مونتينيغرو، المدير العام لشركة بي واي دي في المملكة العربية السعودية، إلى أن حوالي 70% من مبيعاته تتكون من سيارات هجينة، نتيجة المخاوف المتعلقة بمدى القيادة وتوفر محطات الشحن. وأكد هذا التوجه بعض المستهلكين المحليين، مثل فهد عبد الرحمن، الذي أعرب عن قلقه من جدوى استخدام مركبة كهربائية في ظل نمط قيادته، قائلًا: “أنا أقود كثيرًا، معدلي يتجاوز 50,000 كيلومتر سنويًا. أخشى أن السيارة الكهربائية لن تكون مناسبة لذلك.”
على الرغم من هذه التحديات، لا تزال تسلا الشركة الأكثر شهرة والأكبر في العالم في مجال السيارات الكهربائية. وبالنظر إلى ذلك، قد يشعر البعض أنه كان ينبغي على الشركة أن تدخل السوق السعودية منذ وقت طويل. ويأمل إيلون ماسك أن يكون “الوصول المتأخر خير من عدم الوصول أبدًا”.