ابتكارات السعودية في تعدين الليثيوم قد تصبح شريانا مُهما لسوق السيارات الكهربائية الدولية

ترسخ السعودية مكانتها كلاعب رئيسي في سلسلة توريد السيارات الكهربائية بالتركيز على تقنيات إنتاج الليثيوم المبتكرة. ومن خلال المبادرات الوطنية التي تقودها شركات مثل أرامكو السعودية بالتعاون مع مؤسسات بحثية، تتجه المملكة لأساليب متطورة لاستخراج الليثيوم - المعدن المهم لبطاريات السيارات الكهربائية - من مصادر غير تقليدية.

الليثيوم من المحلول الملحي: خطوة إلى الأمام

كشف خالد المديفر، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية، أن السعودية نجحت في استخراج الليثيوم من عينات من المحلول الملحي من حقول النفط التابعة لشركة لأرامكو، وهي خطوة مهمة للاستفادة من الموارد الطبيعية للبلاد لدعم جهود تنويع الاقتصاد في إطار رؤية 2030، رغم أن نطاق المبادرة يتجاوز الإصلاح الاقتصادي.

وسيدخل مشروع الاستخراج المباشر لليثيوم الذي تقوده شركة ليثيوم إنفينيتي - وهي شركة ناشئة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية - مرحلة تجريبية تجارية. وخلافا للتعدين التقليدي الذي ينطوي على اضطراب بيئي كبير، يمكن لتقنيات التعدين المباشر استخراج الليثيوم من المحلول الملحي مع انبعاثات أقل واستخدام أقل للمياه.

تعاون بحثي

يعتمد نجاح البرنامج التجريبي على الشراكات بين الجهات الحكومية والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص. ولعبت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية دورا أساسيا في تطوير الأسس العلمية لهذه المشاريع، مع التركيز على استخراج الليثيوم بكفاءة واستدامة أكبر.

وذكر المديفر أن الابتكار هو جوهر طموحات السعودية في مجال الليثيوم. وتعطي إستراتيجية الوزارة الأولوية لدمج الطاقة المتجددة والتقنيات المتقدمة لتشغيل مرافق الاستخراج، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو عمليات إنتاج أكثر مراعاة للبيئة.

أرامكو ومعادن. توحيد الجهود

في تطور موازٍ، وقّعت أرامكو السعودية وشركة التعدين العربية السعودية (معادن) مشروعا مشتركا لاستكشاف وتطوير احتياطيات الليثيوم في المملكة. ويجمع هذا التعاون بين خبرات أرامكو السعودية في مجال الطاقة وقدرات شركة معادن في مجال التعدين، لإنشاء سلسلة توريد متكاملة لمواد بطاريات السيارات الكهربائية.

وتشمل هذه الشراكة استكشاف رواسب الليثيوم المحلية وتقييم المواقع المحتملة لعمليات التعدين على نطاق واسع. وتعد جهود شركة أرامكو السعودية لإزالة الكربون من عملياتها - مثل دمج تقنيات التقاط الكربون - بتقليل البصمة البيئية لهذه المشاريع.

ما بعد التعدين التقليدي

لا يقتصر تركيز المملكة على استخراج الليثيوم على المحلول الملحي. إذ يتم نشر تقنيات استكشاف متقدمة لتحديد رواسب الليثيوم الجديدة في التكوينات الصخرية الصلبة والطينية. وباستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، تهدف السعودية إلى تحديد الاحتياطيات القابلة للتطبيق وتحسين عملية الاستخراج.

وأشار متحدث رسمي من وزارة الصناعة والثروة المعدنية إلى أن ”نهج السعودية شامل“. ”نحن لا نتطلع إلى الإنتاج فقط، بل نبحث في بناء سلسلة قيمة شاملة تشمل التكرير والمعالجة وتصنيع البطاريات.“

الأهمية الإستراتيجية لبطاريات السيارات

مع توسع سوق السيارات الكهربائية، متوقع أن يتضاعف الطلب العالمي على الليثيوم ثلاث مرات بحلول عام 2030. ومع تسابق الدول على تأمين المعادن الحيوية، فإن مبادرات السعودية تضعها كمورد إستراتيجي لآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. ويضيف الموقع الجغرافي للمملكة جاذبية كبيرة للشراكات الدولية.

وعلى الصعيد المحلي، قد تلعب زيادة إنتاج الليثيوم دورا في دعم جهود تصنيع السيارات الكهربائية المحلية، حيث تستفيد شركات مثل ”سير“، أول علامة تجارية محلية للسيارات الكهربائية في المملكة، وشركة لوسيد موتورز، التي يملك صندوق الاستثمارات العامة حصة كبيرة فيها، من الإمدادات الثابتة والمحلية من مواد البطاريات. وهذا يقلل بشكل كبير من الاعتماد على الموارد المستوردة، ويبسيط عمليات الإنتاج، ويعزيز القدرة التنافسية للسيارات الكهربائية سعودية الصنع في الأسواق العالمية.

والمتوقع أن تعمل استثمارات الطاقة المتجددة في البلاد، مثل مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، على تشغيل عمليات الاستخراج هذه، ما يوفر ميزة تنافسية في السوق.

أرقام مهمة: كبار منتجي الليثيوم في العالم

  • أستراليا: أكبر منتج ليثيوم في العالم، تنتجه من تعدين الصخور الصلبة في غرب أستراليا. وتشمل الشركات الرئيسية البيمارل وبيلبارا للمعادن.
  • شيلي: تشتهر باحتياطيات هائلة من الليثيوم، وتستفيد من مواردها الغنية بالمحلول الملحي لتزويد حصة كبيرة من الطلب العالمي على المعدن
  • الصين: قوة مهيمنة في تعدين وتكرير الليثيوم، وتسيطر على نصيب كبير من المعالجة النهائية لليثيوم المستخدم في صناعة البطاريات.
  • الأرجنتين: هي جزء من ”مثلث الليثيوم“، ومنتج متنامٍ، مع وجود مشاريع كبيرة في مسطحاتها الملحية، مثل سالار ديل هومبري مويرتو.
  • الولايات المتحدة: مع توسيع عملياتها في نيفادا ونورث كارولينا، تهدف الولايات المتحدة لتعزيز إنتاج الليثيوم لتقليل الاعتماد على الواردات.
  • البرتغال: أكبر منتج في أوروبا، وتستخرج المعدن للاستخدامات الصناعية، رغم تزايد اهتمامها باستثماره في السيارات الكهربائية.
تحديات قادمة

رغم هذا التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات. وتوسيع نطاق تكنولوجيا DLE لتحقيق الجدوى التجارية ليس أمرا يسيرا، لا سيما لضمان جودة إنتاج متسقة. وقد تؤثر الاعتبارات الجيوسياسية وتقلب أسعار السلع الأساسية على ثقة المستثمرين.

وأثار نشطاء بيئيون مخاوف من أثر استخراج الليثيوم على الموارد المائية المحلية. وفي حين يوصف استخراج الليثيوم منخفض الكثافة كبديل أنظف، فإن استدامته على المدى الطويل لم تثبت بعد على نطاق واسع.

نظرة على المدى الطويل

يظهر دخول السعودية إنتاج الليثيوم طموحها لأن تصبح أكثر من مجرد دولة نفطية عملاقة. فمن خلال تبني الابتكار والاستدامة، تهدف المملكة إلى إنشاء ركيزة اقتصادية جديدة تتماشى مع الاتجاهات العالمية. وفي حال نجاح نهجها الجديد في استخراج الليثيوم، فإنه سوف يضع معايير جديدة لصناعة التعدين المسؤولة في أنحاء العالم.

ومع اقتراب موعد إطلاق أول برنامج تجريبي تجاري وشراكات إستراتيجية في الأفق، فإن جهود السعودية تستحق المتابعة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت المملكة قادرة على تخطي العقبات التكنولوجية واللوجستية. هناك حقيقة واحدة مؤكدة في هذا السياق: السباق على الليثيوم يتسارع، والسعودية مصممة على أن تكون في المقدمة.

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

هل يكون 2025 عام الحسم لشركة نيسان؟

هل يكون 2025 عام الحسم لشركة نيسان؟

يعكس إطلاق شركة نيسان لسيارة ميكرا الكهربائية وسيارة ليف المطورة إستراتيجية الشركة لاقتحام عالم السيارات الكهربائية، بما يتماشى مع اندماجها المتوقع مع هوندا.

أحدث مقاطع الفيديو

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شاهد اللقاء الصحفي مع السيد حسن نرجس المدير العام لمجموعة الفطيم – الموزع الحصري لسيارات “بي واي دي” في الإمارات. أجرينا اللقاء على هامش افتتاح أحدث صالات عرض "بي واي دي" في شارع الشيخ زايد في دبي.

31 يناير, 2025