من يقتني السيارات الكهربائية في السعودية؟

حتى في بلاد النفط الوفير، حيث الماء أغلى من البنزين، نجحت السيارة الكهربائية في اكتساب أرضية!

فرغم أن إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة في السعودية لا يزال متواضعا في حدود بضعة آلاف سنويا، من إجمالي يزيد عن ثلاثة أرباع مليون سيارة، هناك إقبال ثابت على التحول إلى السيارات الكهربائية. والمقرر أن يتسارع هذا الإقبال مع استعداد المملكة لإنتاج سيارات كهربائية محليا من خطوط إنتاج شركة "لوسيد" وشركة "سير" (Ceer) الوطنية المقرر أن تطرح سياراتها في السنوات القادمة.

وتمر السيارات الكهربائية بمنعطف انتقالي لا يخلو من بطء، لكنها تسير على أقدام ثابتة، كما حدث في دول أخرى. ويبقى السؤال من هي الشرائح الاجتماعية التي تقتني سيارات كهربائية في المملكة؛ مُفضلة الكهرباء على الوقود الرخيص؟

عشاق التكنولوجيا من الشباب

إن وقعت عيناك على الخطوط الأنيقة لسيارة "لوسيد إير" في إحدى شوارع الرياض أو جدة، فالأرجح أن قائدها شاب سعودي! يقول عبد الرحمن الرمال، الصحفي السعودي المتخصص في السيارات، إن أغلب مشتري السيارات الكهربائية من الشبان عاشقي التكنولوجيا ومحبي المظهر الحداثي. وينجذب الشباب إلى "عامل الإبهار" في الابتكار التكنولوجي في السيارة الكهربائية، أكثر من الاهتمام بخفض البصمة الكربونية.

سيتم إنتاج سيارات لوسِد في المملكة العربية السعودية وستصبح مشهداً مألوفاً على الطرقات.

وبالنسبة لكثيرين، اقتناء السيارات الكهربائية لا دخل له بحماية البيئة، بل بالمكانة الاجتماعية الممكن اكتسابها من قيادة سيارة كهربائية. فالمجتمع السعودي يُقدّر المكانة العالية ويحب الرفاهية، وامتلاك أحدث التقنيات يدفع صاحبه في هذا الاتجاه. وأغلب أصحاب السيارات الكهربائية في السعودية من الرجال بين 20 و40 عاما، ومن خلفيات ثرية، وهو أمر منطقي مع ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية.

وجاء الإقبال على السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة من المهنيين ورجال الأعمال وموظفي الحكومة الذين يعيشون في مراكز حضرية مثل الرياض وجدة. وتبنت قلة من المغتربين السيارات الكهربائية، معظمهم مواطنو دول غربية (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا) أو من شرق آسيا (الصين واليابان وكوريا الجنوبية)، ويشغلون مناصب عُليا في قطاعات مرموقة مثل التكنولوجيا والتمويل والهندسة.

دخول النساء إلى سوق السيارات

في عام 2023، أصبحت 2.5 مليون مواطنة سعودية تقود سيارة في المملكة في تسارع رهيب من الصفر! والمتوقع تزايد هذا العدد بشكل مطرد. وأصبحت النساء تشكل نحو 15% من أصحاب السيارات في المملكة، وساهم دخولهن سوق السيارات في انتعاش تاريخي للمبيعات.

ورغم أن النساء على مستوى العالم على اهتمام بحماية البيئة ويُقدّرن دور السيارة الكهربائية في الحفاظ على البيئة، لا تزال النساء أقل من ثلث مشتري السيارات الكهربائية في العالم. نفس الشيء ينطبق على السعودية، حيث القليل من النساء يقدن سيارات كهربائية، وإن كان المتوقع أن يرتفع عددهم مع تحسن البنية الأساسية للشحن وطرح المزيد من موديلات السيارات الكهربائية.

تمثل النساء حوالي 15% من إجمالي عدد السائقين الذين يقودون السيارات الكهربائية. وفي حين أن أعداداً قليلة فقط تختار السيارات الكهربائية اليوم، فإن هذه النسبة سترتفع.

هيئات الحكومة تدعم السيارات الكهربائية في المملكة

تهدف رؤية المملكة 2030 إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتنهض الحكومة السعودية بدور فعال في تبني السيارات الكهربائية لتُعطي نموذجا للقطاع الخاص الذي يتحرك ببطء في هذا المجال. وقد التزمت الحكومة السعودية بشراء 50 ألف سيارة كهربائية من شركة "لوسيد"، وتخطط لزيادة العدد إلى 100 ألف في عشر سنوات. ويستخدم موظفو الحكومة وبعض دوريات الشرطة سيارات كهربائية بالكامل.

يأتي ذلك في إطار استراتيجية أوسع لدعم أول مصنع للسيارات في المملكة أنشأته شركة لوسيد بالقرب من جدة، لتأسيس مركز إقليمي لإنتاج السيارات الكهربائية في المملكة.

السعوديون أم المغتربين: أيهما أكثر إقبالا على السيارة الكهربائية؟

لا تزال هناك تحديات عملية أمام السيارة الكهربائية، خصوصا محدودية محطات الشحن. لكن امتلاك سيارة كهربائية يعتبر أسهل للمواطن السعودي الذي لديه منزل وموقف يستطيع تركيب جهاز شحن فيه. على النقيض يواجه المغترب الذي يعيش في شقة مزيدا من العقبات، حيث لا تزال مرافق الشحن في المجمعات السكنية غير منتشرة بشكل واضح.

صعود السيارات الكهربائية ذات التكاليف المنخفضة

رغم ميل الشباب للتكنولوجيا المتقدمة في السيارات الكهربائية مرتفعة الثمن، نجحت الموديلات العائلية -- مثل سيارات "آتو 3" من إنتاج شركة "بي واي دي" وسيارة "إم جي زد إس" الكهربائية – في تحقيق مبيعات كبيرة. معقولية أسعار هذه الموديلات جعلتها في متناول شريحة واسعة من المشترين، وشرائح الشباب السعودي الراغب في دخول عالم السيارات الكهربائية دون أعباء مالية كبيرة.

ورغم شهرتها العالمية، لم تحقق شركة تسلا انتشارا كبيرا في السعودية، ربما بسبب نقص صالات العرض وأمور تتعلق بالجودة. لكن يبدو أن سيارة "لوسيد إير" نجحت في جذب انتباه الباحثين عن الفخامة والثورة التكنولوجية وقوة الأداء.

بحلول عام 2030، ستكون 30% من السيارات على طرق الرياض كهربائية.

المستقبل.. كيف يبدو؟

لا تزال سوق السيارات الكهربائية في السعودية في مهدها، لكنها تنمو بوتيرة متسارعة. وفي عام 2030، تهدف المملكة لإنتاج 500 ألف سيارة كهربائية سنويا، وتتوقع أن تكون 30% من سيارات المدن الكبرى (مثل الرياض) كهربائية.

ومع تزايد الإنتاج المحلي وانتشار بنية الشحن، سوف ينتعش سوق السيارات الكهربائية مدفوعا بإقبال الجهات الحكومية والقطاع الخاص على الشراء. وحاليا يهيمن على سوق السيارات الكهربائية الشباب السعودي محب التميز والسبق، والهيئات الحكومية المعنية بتحقيق أهداف الاستدامة، وعدد ضئيل - ومتزايد في نفس الوقت - من المغتربين.

وهذا يوضح أن مستقبل قيادة السيارات في السعودية لن يكون مدفوعا بالكهرباء وحدها؛ وإنما بحب اقتناء السيارات الحديثة التي تحقق المكانة الاجتماعية!

المنشورات ذات الصلة

المشاركات الاخيرة

أحدث مقاطع الفيديو

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شركة “بي واي دي”.. قصة نجاح جديدة في الإمارات!

شاهد اللقاء الصحفي مع السيد حسن نرجس المدير العام لمجموعة الفطيم – الموزع الحصري لسيارات “بي واي دي” في الإمارات. أجرينا اللقاء على هامش افتتاح أحدث صالات عرض "بي واي دي" في شارع الشيخ زايد في دبي.

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سيارة "أسبارك آول" SP600 تسجل رقما قياسيا جديدا كأسرع سيارة كهربائية في العالم

سجلت سيارة "أسبارك آول" SP600، وهي سيارة يابانية خارقة تعمل بالبطاريات، رقما قياسيا عالميا جديدا لأعلى سرعة مسجلة لسيارة كهربائية على الطرق، حيث وصلت سرعتها إلى 438.73 كم/ساعة في حلبة اختبار السيارات بابينبورج في ألمانيا.

22 أكتوبر, 2024