تشهد منطقة مجلس التعاون الخليجي نمواً سريعاً في تبني المركبات الكهربائية، مدفوعاً بالمبادرات الحكومية الطموحة وتقنيات الذكاء الاصطناعي المبتكرة والبنية التحتية المتوسعة، مما يضعها في وضع يسمح لها بالتوسع الكبير في السوق بحلول عام 2033.
من المتوقع أن يشهد سوق السيارات الكهربائية في منطقة مجلس التعاون الخليجي توسعًا كبيرًا، حيث تشير التوقعات إلى أن حجم السوق سيصل إلى حوالي 97,300 وحدة بحلول عام 2033. ووفقًا لأحدث أبحاث مجموعة IMARC، من المتوقع أن ينمو سوق السيارات الكهربائية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) بنسبة 9.3٪ من عام 2025 إلى عام 2033، بناءً على حجم السوق المقدر بنحو 40,300 وحدة في عام 2024. ويدعم هذا النمو المبادرات الحكومية الطموحة والتقدم التكنولوجي وجهود التنويع الاقتصادي التي تهدف إلى الاستدامة.
تُسهم برامج حكومية رئيسية في دفع هذا التوسع. ففي الإمارات العربية المتحدة، تهدف استراتيجية دبي للتنقل الأخضر 2030 إلى وضع حوالي 42,000 مركبة كهربائية على طرق المدن، وتدعم هذه الاستراتيجية حاليًا بأكثر من 700 محطة شحن عاملة. وقد قامت قطر بالفعل بتحويل 25% من أسطول حافلات النقل العام لديها إلى المركبات الكهربائية قبل الموعد المحدد، بفضل خيارات التمويل الأخضر، بينما تُركز مبادرة رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على الاستدامة والتنويع الاقتصادي، من خلال استثمارات كبيرة مُخصصة للبنية التحتية للسيارات الكهربائية، بما في ذلك هدف تركيب 10,000 محطة شحن بحلول عام 2026. وتُظهر هذه المبادرات التزامًا إقليميًا بخفض انبعاثات الكربون وتهيئة بيئة مُشجعة على تبني السيارات الكهربائية.
يلعب الابتكار التكنولوجي دورًا حاسمًا في تسريع انتشار السوق. تُعيد التطورات القائمة على الذكاء الاصطناعي تشكيل مشهد السيارات الكهربائية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تُقدم أنظمة مُحسّنة لإدارة البطاريات تُطيل عمرها وتُحسّن دورات الشحن. تستخدم مشاريع القيادة الذاتية، مثل تلك المُطبقة في نيوم ودبي، رقائق أشباه الموصلات وأنظمة مساعدة السائق المُعززة بالذكاء الاصطناعي لتحسين السلامة والكفاءة.
Aعلاوةً على ذلك، تُمكّن أدوات إدارة الأساطيل التنبؤية المُشغّلين التجاريين من خفض استهلاك الطاقة بنسبة 20-30%، وتستخدم شبكات الشحن الذكية، لا سيما في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، الذكاء الاصطناعي لموازنة الطلب على الطاقة وتعزيز راحة المستخدم. كما تُعزز واجهات المركبات المُدارة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك أدوات التحكم الصوتية وإدارة المناخ الشخصية، من جاذبية المستهلكين، مما يُعزز الإقبال على السوق.
يكشف تقسيم السوق عن فرص متنوعة عبر مختلف أنواع الدفع، بما في ذلك المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات (BEVs)، والمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود (FCEVs)، والمركبات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن (PHEVs)، والمركبات الكهربائية الهجينة (HEVs). مع تزايد المخاوف البيئية والحوافز الحكومية - مثل الإعانات والإعفاءات الضريبية - يتوسع قطاعا مركبات الركاب والمركبات التجارية. وتساهم متطلبات الاستدامة للشركات ولوائح الانبعاثات بشكل خاص في تعزيز الطلب على المركبات التجارية الكهربائية، بما يتماشى مع الاتجاهات الأوسع لخفض تكاليف التشغيل والامتثال البيئي.
يشهد سوق المركبات الكهربائية عالميًا نموًا متسارعًا، مدفوعًا بمعايير الانبعاثات الصارمة، وارتفاع أسعار الوقود، وطلب المستهلكين على حلول النقل المستدامة. وقد قُدّرت قيمة سوق المركبات الكهربائية العالمية بـ 755 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 4.36 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2033، محققةً معدل نمو سنوي مركب قدره 21.5%. وبالمقارنة، يُبرز معدل النمو السنوي المركب لدول مجلس التعاون الخليجي، البالغ 9.3%، ديناميكيات النمو الإقليمية المرتبطة بجاهزية البنية التحتية وبيئات السياسات. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تشهد المركبات التجارية الكهربائية عالميًا معدل نمو سنوي مركب مذهلًا قدره 25.56% خلال الفترة نفسها، مما يعكس ارتفاع تكاليف الوقود الأحفوري وتشديد لوائح الانبعاثات.
يُجسّد سوق السيارات الكهربائية في المملكة العربية السعودية، في سياق دول مجلس التعاون الخليجي الأوسع، هذا التوجه. ففي عام 2024، قُدّرت قيمة سوق السيارات الكهربائية في المملكة بحوالي 500 مليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 17.2% ليصل إلى 2.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033. ويعزى هذا النمو إلى طلب المستهلكين على تجارب قيادة مُحسّنة واستدامة بيئية، بدعم من المبادرات الحكومية التي تتماشى مع رؤية المملكة 2030.
كما أن توسيع البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية يدعم نمو السوق. وتستهدف جهودٌ، مثل مشروع UAEV المشترك الذي أطلقته وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية مؤخرًا، شبكات شحن وطنية سريعة وسهلة الوصول. إضافةً إلى ذلك، أظهرت برامج تجريبية، مثل إطلاق هيئة الطرق والمواصلات في دبي للحافلات الكهربائية ذاتية القيادة التي تستخدم تحسين مسارات الذكاء الاصطناعي، وفوراتٍ في الطاقة بنسبة 25%، مما يؤكد أهمية دمج الحلول الذكية في النقل العام.
لذلك، لا يزال سوق السيارات الكهربائية في دول مجلس التعاون الخليجي يشهد نموًا قويًا، مدعومًا بسياسات داعمة وتقنيات متطورة وطلب متزايد من المستهلكين والتجار. ورغم اختلاف وتيرة نموه عن النمو المتسارع للسوق العالمية، فإن التركيز الاستراتيجي للمنطقة على الاستدامة والابتكار والتنويع الاقتصادي يضمن استمرار نمو منظومة السيارات الكهربائية فيها خلال العقد المقبل.











